الشرق اليوم – إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي عرف خلال رئاسته وقبلها، ولعقود، بحبه للأضواء والكاميرات، فضل أخيرا الانعزال عنها، واختار إرسال كلمة إلى أنصاره عبر مقطع فيديو مسجل نشره حساب البيت الأبيض على “تويتر”.
منذ أن أوقفت منصته المفضلة للتواصل الاجتماعي حسابه، لم يتحدث ترامب إلى الصحفيين ولا تحدث في مقابلات على الهواء، كما كان يفعل سابقا بشكل متكرر.
وبعد أسبوع على أحداث العنف التي أثارها الرئيس في مقر الكونغرس، غاب هو ومساعدوه عن موجات الأثير ورفضوا التحدث في مقابلات صحفية، ولم يعمموا نقاطا للمناقشة والدفاع عن مواقف الإدارة.
ولم يتم تشكيل “غرفة حرب” رسمية لوقف إجراءات عزل الرئيس، فيما تم وضع خطط لاستخدام منصة تواصل اجتماعي بديلة.
إن تجاهل الأضواء ليس سمة “ماركة ترامب”، ولكنه يلخص خطورة الوضع والرهانات الحالية التي نبعت من تصرفاته.
وقال مساعد سابق للرئيس إنه لم ير هذا الهدوء منه، منذ نشر صحيفة “واشنطن بوست” ما عرف بتسجيلات هوليوود في تشرين الأول / أكتوبر 2016، و”كانت واحدة من المرات القليلة التي اكتشف فيها ضخامة الوضع”.
يبدو أن الرئيس تلقى النصيحة من فريق حملته الانتخابية لعام 2020، بعدم محاولة تغيير السرد حول محاكمته والابتعاد عن الأضواء.
وعبّر عدد من أنصاره عن ارتياحهم، بعد مخاوف من صدور تصريحات غير مناسبة تضر بقضيته.
وتنقل المجلة عن “إريك بولينغ”، مقدم البرامج السابق في “فوكس نيوز”، قوله: “يبدو أنهم بمزاج الإغلاق العام والذي أعتقد أنه المكان المناسب لهم من وجهة النظر الإعلامية”.
وأضاف بولينغ إنه من الصعب على الرئيس في الوقت الحالي الدفاع عن نفسه أو توضيح موقفه أو تبرير ما حدث.
وبدلا من ذلك قام ترامب بجس نبض الجمهوريين حول مصيره، وما إن كان يستطيع الترشح مرة ثانية في انتخابات 2024.
وفتح ترامب الموضوع يوم الثلاثاء مع السيناتور عن ولاية ساوث كارولينا، ليندزي غراهام، الذي رافقه في رحلته إلى تكساس لزيارة الجدار الحدودي.
وتحدث ترامب مع السيناتور توم سكوت، الذي أصدر بيانا بعد المقابلة عبر فيه عن معارضته لعزل الرئيس، فيما حاول المساعدون في البيت الأبيض الضغط على النواب وأعضاء مجلس الشيوخ من خلال إرسال نتائج استطلاعات تحذر من خسارتهم مقاعدهم لو دعموا إجراءات عزل الرئيس.
وأشرف على الضغط جيسون ميلر، مستشار الرئيس، ولكن هذه الضغوط لم تثر مخاوف المسؤولين البارزين من الجمهوريين مثل زعيمهم في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، الذي قال إنه منفتح على إدانة الرئيس حالة استماعه للمرافعات القانونية.
وعبّر عدد من المسؤولين، بما فيهم الذين عملوا في حملة إعادة انتخابه عن غضبهم من تصرفات ترامب التي قالوا إنها “غير مبررة”، وليس غريبا عدم قيام أي جهاز في الحزب بالدفاع عنه.
وتنقل المجلة عن مسؤول في الحزب قوله: “لست متأكدا من وجود أي مشجع لترامب” في إشارة إلى عدم تحرك اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري للدفاع عنه.
ووصف مسؤول الوضع في الجناح الغربي من البيت الأبيض بأنه ملجأ يشعر فيه من بقي فيه “بالخوف واليأس لتأمين وظيفتهم المقبلة وبسرعة”.
وفي غياب منصات التواصل على مواقع تويتر ويوتيوب وفيسبوك وإنستغرام، فإنه لم يبق أمام الرئيس إلا الوسائل التقليدية وهي التلفزيون والصحافة، لكن مقدمي البرامج باتوا يتحفظون على حجز الرئيس للمقابلة أو منحه فرصة على الهواء مباشرة خشية استخدام المقابلة لإثارة اضطرابات جديدة.
وبحسب مذيع معروف في واحدة من كبريات الشبكات بالبلاد، قال إن “الكابوس الأكبر” حاليا إجراء مقابلة مع ترامب.
وقال: “سأستمتع بالفرصة، وأريدها، وفي المقابل فهل أعطيه بذلك منبرا للتحريض على العنف؟ وأعتقد أن هذا نقاش جاد”.
وأضاف: أن إجراء مقابلة مع ترامب باتت تشبه النقاش في غرف التحرير بشأن إجراء مقابلة مع زعيم كوبا الراحل فيديل كاسترو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولن تكون مباشرة بل مسجلة وسيتم التحكم بها لو أجريت.
وهذا وضع يتناقض مع الأوقات السابقة التي كان فيها ترامب يتصل مع شبكته المفضلة ويطلب وقتا عبر الهواء، وذلك أثناء الحملة الانتخابية والفضائح التي لاحقته. وهو محروم اليوم من أداته المفضلة وفريقه الذي ساعده في تنفيذ استراتيجيته، مثل هوب هيكس التي غادرت البيت الأبيض الأربعاء بعد الإعلان عن الاتهام في مجلس النواب.
ويتوقع أيضا أن تغادر المتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكيناني، الجمعة، بشكل يترك ترامب بدون أي متحدث رسمي فيما تبقى له من أيام صعبة.
ولكن رحيل المستشارين هو جزء من المشكلة، فالسبب الذي جعل ترامب يلتزم الهدوء هو اتفاق الجمهوريين والديمقراطيين على محاسبته بسبب إثارة العنف في الكابيتول.
ترجمة: عربي 21