BY: James D. Long & Victor Menaldo
الشرق اليوم – إن أثر تحدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، للديمقراطية على الولايات المتحدة، سيظهر بعد رحيله وسيضع البلاد في اختبار حقيقي من خلال حقيقة إمكانية محاكمته ومساءلته.
فعندما هاجم المحتجون مبنى الكابيتول الأمريكي في السادس من كانون الثاني / يناير، وحاولوا منع الكونغرس من التصديق على جو بايدن رئيسا قادما لأمريكا، كان الأمر مخيفا، ومميتا لخمسة أشخاص على الأقل. لكنه لم يشكل تهديداً خطيرا على الديمقراطية الأمريكية.
لم يكن هناك محاولة للاستيلاء على السلطة بطريقة غير شرعية لإبقاء دونالد ترامب في البيت الأبيض. ناهيك عن أن ترامب كان يفتقر دائماً إلى السلطة والدعم الجماهيري اللازمين لسرقة الانتخابات التي خسرها بأغلبية ساحقة. كذلك لم يستطع التحكم بمسؤولي الانتخابات في الولايات ولم يكن له أي تأثير ملحوظ على العملية الانتخابية.
ومع ذلك، خلال فترة رئاسته، انتهك مراراً الأعراف الديمقراطية عن طريق الترويج بوقاحة لمصالحه التجارية، والتدخل في وزارة العدل، ورفض إشراف الكونغرس، ومضايقة وسائل الإعلام، وعدم الاعتراف بخسارته في الانتخابات.
على أية حال، نتوقع أن أكبر التهديدات للديمقراطية التي يشكلها ترامب لن تظهر إلا بعد خروجه من البيت الأبيض، عندما يتعين على بايدن مواجهة التحديات التي خلفها ترامب.
كذلك لم يهدد ترامب مطلقاً بعمل انقلاب، ومن النادر حدوث انقلاب يزيح حكومة منتخبة شرعيا. الاستيلاء المدعوم من الجيش لن يحدث في الولايات المتحدة ومن المستبعد جدا أن تتدخل القوات المسلحة في السياسة الداخلية لتغيير النظام، لا سيما لصالح رئيس لا يحظى بشعبية كبيرة. وحتى لو اعتقد أنصار ترامب المتحمسون أنه انتصر، فهذا لا يكفي لإحداث حرب أهلية.
ترامب لم يستطع حتى تنظيم “انقلاب ذاتي” والذي يحدث عندما يعلن مسؤول تنفيذي منتخب حالة الطوارئ ويعلق الهيئة التشريعية والسلطة القضائية، أو يقيد الحريات المدنية للاستيلاء على المزيد من السلطة كما فعل هتلر على سبيل المثال في عام 1933.
ربما كان الهجوم على مبنى الكابيتول قد هدد حياة المشرعين الفيدراليين وضباط شرطة الكابيتول، لكن أقصى ما حققه كان مقاطعة إجراء وزاري لفترة وجيزة. بعدها وفي غضون ساعات عاد كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ إلى الجلسة في مبنى الكابيتول واستمروا في تصديقهم على الأصوات الانتخابية التي تم الإدلاء بها في عام 2020.
لكن من خلال اعتراضه على نتيجة الانتخابات، سلط ترامب الضوء على جوانب العملية التي لم يكن العديد من الأمريكيين على علم بها، ومن المفارقات أن الشعب أصبح على دراية أفضل بآليات وتفاصيل الانتخابات الأمريكية، وبهذا ربما يكون قد جعل الديمقراطية الأمريكية أقوى مما كانت عليه.
ولم يكن هناك أي دليل على أي نوع من أنواع الاحتيال على نطاق واسع. ففي عام 2020 كان إقبال الناخبين أعلى مما كان عليه منذ قرن، على الرغم من الوباء، وخطاب ترامب وتهديداته بالتلاعب الأجنبي، فقد كانت انتخابات 2020 الأكثر أمانا.
إن التحدي للديمقراطية الأمريكية يكمن بعد رحيل ترامب، كما يجب إلى عدم تمكين ترامب من الهروب من المساءلة والعقاب والمحاكمات.
وبعد الانتخابات هدد ترامب المؤسسات السياسية الأمريكية الأساسية، والآن ما يوحدهم هو محاولته الإفلات من العقاب وازدراء حكم القانون. لقد ارتكب العديد من الأفعال التي تستوجب عزله. ويواجه تحقيقاً جنائياً في ولاية نيويورك، وقد ينظر في التحقيقات الفيدرالية حول أفعاله السيئة التي ارتكبها أثناء رئاسته، وقبل أن يصبح رئيسا.
إن مسألة مساءلة ترامب الحقيقية والقانونية ستقع على عاتق بايدن، ومرشحه للنيابة العامة ميريك غارلاند. سيقررون ما إذا كانوا سيستمرون في التحقيقات الحالية ومن المحتمل أن يبدأو تحقيقات جديدة.
غالبا ما يواجه القادة المنتخبون حديثا حوافز وتشجيعات لمقاضاة أسلافهم. لكن هذا النهج يمكن أن يزعزع استقرار احتمالات الديمقراطية، خاصة إذا قرر المسؤولون التنفيذيون القتال بدلا من الاعتراف بالهزيمة.
إن العفو عن الجرائم بعد وقوعها -كما فعل جيرالد فورد لريتشارد نيكسون- ينطوي على خطر خلق تهديدا أكبر للديمقراطية، وهي فكرة أن القادة وأتباعهم هم فوق القانون. إذا وجد ترامب طريقة للعفو عن نفسه، فقد يقلل من قيمته القانونية، ولكن لن يستطيع محوها إلى الأبد.
وإذا ترك المدعون العامون أو الكونغرس ترامب بعيداً عن المأزق، فقد يفتحون آفاقا جديدة وخطيرة، محطمين سيادة القانون التي تدعم الديمقراطية الأمريكية.
ترجمة: عربي 21