الشرق اليوم– أوضحت مارين لوبان أن دونالد ترامب «لم يقس تأثير تصريحاته على بعض الأشخاص» الذين وجّه إليهم خطابه أمام البيت الأبيض في 6 يناير. بالنسبة لرئيسة التجمع الوطني في فرنسا، فإن دعوة بضعة آلاف من المتظاهرين المخضرمين للتظاهر أمام مبنى الكابيتول، بعد أن شحذهم لمدة ساعة، لمنع النواب من المصادقة على نتائج الانتخابات التي «سُرقت» منهم، لم توصلهم إلى نتيجة حتى عندما يكون من أجرى المكالمة رئيساً للولايات المتحدة لمدة أربع سنوات، وأظهر أنه يعرف كيفية استخدام القوة لترهيب الميليشيات اليمينية المتطرفة تماماً. وحتى عندما ينتظر أكثر من ساعتين، بعد أن اقتحم المتظاهرون مبنى الكابيتول، طالبهم بالانسحاب.
ولكن هل تقيس مارين لوبان نطاق كلماتها؟ بإيجاد هذا العذر لدونالد ترامب، فإنه يضفي الشرعية على مناورة أدت إلى تعليق العملية الديمقراطية لعدة ساعات. وهي نفسها لم تعترف بانتخاب جو بايدن، حتى يوم الخميس 7 يناير، بعد أن صدّق الكونجرس على النتائج، بعد شهرين من الانتخابات، حتى إن فلاديمير بوتين سبقها في ذلك.
إن محاولة التمرد التي قادها البيت الأبيض هي درس لجميع الديمقراطيات، لا سيما تلك في البلدان الأوروبية، وإن رد فعل لوبان يجعل الأمر أكثر وضوحاً فقط. وتُظهر التجربة الآن أن الغموض، والتسهيلات التي يمكن للمرء أن يجدها في مواجهة السلوك غير الديمقراطي من قبل القادة المنتخبين، هو منحدر زلق ومن الخطر الدخول إليه.
قال الرئيس المنتخب جو بايدن، إن «كلمات الرؤساء لها معنى: يمكن أن تُلهم، لكن يمكنها أيضاً التحريض». لقد قللنا بلا شك، في الولايات المتحدة وأماكن أخرى، من انجراف دونالد ترامب، وقوة خطابه، وقوة ديماغوجيته، والمسافات التي قطعها عن حكم القانون. وكان يُعتقد أن تجاوزات هذا النوع الجديد من الرؤساء ستتسم في مؤسسات ديمقراطية، قوتها لا تتزعزع.
وينطبق هذا الدرس على جميع قادة الديمقراطيات الذين يغازلون الشعبوية أو يفضحون سيادة القانون. ولقد دان بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، بشدة، سلوك دونالد ترامب، شقيق «البريكست» في السابق.
وضع رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس قبعته الحمراء بحكمة، وهي نسخة من غطاء رأس «اجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى»، على حسابه على «تويتر» لصالح قناع مضاد ل«كوفيد 19».
أما رئيس الوزراء السلوفيني يانيز جانسا، الذي كسر الوحدة الأوروبية، فقد هنأ دونالد ترامب على إعادة انتخابه على الرغم من أنه هُزم، وكان أقل حماساً، حتى لو لم يترك أي غموض حول تعاطفه في اختيار إعادة التغريدة.
فهل يمكننا أن نتسامح مع الانحراف الخبيث للديمقراطية في بعض دول الاتحاد الأوروبي؟ في ظل ما حدث في واشنطن، تكتسب القضية أهمية جديدة. ويجب أن يطرح السؤال على وجه الخصوص على الأطراف المعنية بالديمقراطية، مثل حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي للمستشارة أنجيلا ميركل، والحزب الجمهوري.