By: Victor Dumpurs
الشرق اليوم- يبدو حلف شمال الأطلسي (الناتو) قد غير أولوياته في دول البلطيق. فمن المعروف أن الدول الأعضاء في الحلف، اتفقت في قمة وارسو عام 2016، على تعزيز الوجود العسكري للحلف في الجزء الشرقي من جغرافيا الدول التي يضمها.
من هنا شكل نشر قوات الحلفاء القتالية متعددة الجنسيات في لاتفيا، في يونيو 2017، استكمالاً لنشر القوات في المواقع الأمامية المعززة لحلف الناتو في دول البلطيق وبولندا، وبالتالي تنفيذ القرارات التي تم اتخاذها في عدد من القمم التي عقدتها دول الحلف.
منذ ذلك الحين، يعمل «الناتو» بنشاط على تعزيز قدراته العسكرية في دول البلطيق. فقد زاد عدد القوات، ونُشرت أسلحة ثقيلة من دبابات ومدرعات ومدفعية، وقيل إن تعزيز القوات الأمامية لحلف «الناتو» ينطوي على أهداف دفاعية وهو حضور متوافق مع الالتزامات الدولية للحلف.
لكن، كان من الواضح تماماً أن الناتو لا يسعى فقط إلى تحقيق الأهداف المعلنة؛ بل بعض الأهداف المخفية. بعض تلك الأهداف كان مقنعاً نظراً للحاجة الماسة إلى زيادة ميزانيات الدفاع في لاتفيا وليتوانيا وإستونيا، والدعم السياسي على جميع المستويات، بحيث يضمن ولاء تلك الدول لجميع القرارات التي تتخذها الدول الأعضاء القيادية في «الناتو».
إلا أن الحلف زاد على ذلك بأن تسبب في توتير الأوضاع، وخلق تهديدات جديدة في دول البلطيق، حيث تحولت المنطقة فجأة إلى ميدان لاختبار الطائرات ذاتية القيادة. ولتبرير المصالح الجديدة ل«الناتو»، قيل إن تطور أنظمة الطائرات بدون طيار في دول العالم، يشكل تهديداً ناشئاً لجنود «الناتو» المنتشرين في جميع أنحاء العالم، وخاصة في منطقة البلطيق.
وقد عقدت قيادة مجموعة القوات المعززة في لاتفيا ندوة في معسكر أدازي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حول كيفية التعامل مع تهديد الطائرات ذاتية القيادة. وقال المقدم تريفور نورتون، الضابط في قيادة المجموعة في لاتفيا، إن «الناتو» أدرك هذا التهديد أثناء استعداده للانتشار في لاتفيا، وجعله أولوية قصوى في خطط وضع الحلول الأمنية.
وقال نورتون: «عندما كنت أنظر إلى خصومنا والطريقة التي أجروا بها العمليات الأخيرة حول العالم، كان من الواضح أنهم استخدموا الطائرات ذاتية القيادة على نطاق واسع. وإذا أردنا تحقيق النجاح في ردع العدوان الأجنبي، يجب أن نُظهر القدرة على مواجهة تهديد تلك الطائرات».
وأقر وزير دفاع لاتفيا أرتيس بابريكس، بأن وزارة الدفاع في لاتفيا، أخذت في الاعتبار الدروس المستفادة من استخدام الطائرات ذاتية القيادة في حرب ناجورني كاراباخ، الأخيرة. ولفت كلام بابريكس أنظار المحللين، عندما اعتبر أرمينيا وأذربيجان «خصوماً».
وكان لافتاً مشاركة خبراء من المملكة المتحدة وكندا في الندوة التي تضمنت مناقشات مفتوحة بين أعضاء جميع الدول التسع التي لها قوات ضمن المجموعة القتالية المتقدمة في لاتفيا، وكذلك قيادات من القوات المسلحة الوطنية في لاتفيا. وتناولت المناقشات قدرات معسكر أدازي، وكيفية استخدامها في الحد من تهديد الطائرات ذاتية القيادة.
وشهدت الندوة تمارين لاختبار بعض أنظمة أسلحتهم في إسقاط طائرات في ميدان معسكر أدازي، وربما كان هذا هو الهدف الرئيسي من عقد الندوة أساساً.
وأكد الرائد مات بنتلي، منظم الندوة، أن هذه مشكلة معقدة ولن يتم حلها في ندوة واحدة، مبيناً أنها كانت خطوة أولى مهمة في عملية تطوير التمارين والقدرات التي تضمن الدفاع عن جنود الحلفاء من هجمات محتملة بالطائرات المسيّرة أثناء الدفاع عن لاتفيا.
وفي الوقت الذي يطور فيه الحلفاء في «الناتو» تقنيات ووسائل جديدة لصد هجمات الطائرات ذاتية القيادة التي دخلت ميدان المعارك بقوة في السنوات الأخيرة، تحقق خطة تطوير وتعزيز وجوده في البلطيق عدداً من الأهداف في وقت واحد، ليس أقلها تحفيز دول المنطقة على رفع مساهماتها المالية في ميزانية الحلف والموافقة على نشر مزيد من القوات فوق أراضي تلك الدول.
لكن حتى إذا كان التهديد جدياً ومباشراً، فإن إمكانية زيادة الإنفاق على تسليح قوات «الناتو»، في الوقت الحالي، تبدو صعبة، نظراً للظروف التي خلفها انتشار الفيروس على اقتصادات معظم الدول الأعضاء.