بقلم: رامي العلي – عكاظ
الشرق اليوم – شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في السادس من الشهر الجاري يوما تاريخيا وغير مسبوق، حيث تجاوز فيه الرئيس الأمريكي ومؤيدوه كل الخطوط الحمر، ووصل الأمر إلى اقتحام مبنى الكونغرس بُغية عرقلة المجلس عن اتخاذ قرار المصادقة على نتائج الانتخابات الرئاسية، ووقف الرئيس الأمريكي يدفع المتظاهرين للتوجه لمبنى “الكابيتول”، وهذا ما اعتبر خطأ فادحا مما دفع رئيسة مجلس النواب للدعوة إلى عزل الرئيس الأمريكي ووضعت لذلك عدة خيارات؛ منها تفعيل المادة 25 من الدستور القاضية بعزل الرئيس، ولكن هذا يتطلب موافقة من قبل نائب الرئيس مايكل بنس.
وبالرغم من أن الأخير دخل في مشاحنات مع الرئيس ترامب إلا أنه أعلن بأنه لن يقدم على هذه الخطوة، كما أن ذلك يتطلب موافقة أغلبية مجلس الوزراء، وهذا أيضا متعذر كون من بقي من هؤلاء الأعضاء ولم يقدم استقالته هو من أشد المؤيدين للرئيس ترامب.
يبقى الخيار الآخر الذي أشارت إليه نانسي بيلوسي وهو محاكمة برلمانية للرئيس الأمريكي وهذا ربما يمر من خلال مجلس النواب ولكن تعترضه عقبة كأداء باعتبار أن المحاكمة تتطلب موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ وهذا أمر يكاد يكون مستحيلا، كما أن المجلس لن يعقد سوى في التاسع عشر من يناير؛ أي عشية تنصيب الرئيس المنتخب جو بايدن. كما أن شخصيات بارزة من الحزب الجمهوري ترفض هذه المحاكمة وترى أنها تصب في زيادة الانقسام على مستوى الشارع الأمريكي وعلى رأس هؤلاء ليندسي غراهام.
موجة الإدانات التي تعرض لها ترامب كبيرة للغاية وكانت من نتائجها أن قامت بعض وسائل التواصل الاجتماعي بحذف حسابات الرئيس الأمريكي بحجة أنها تشجع على العنف، وخصوصا منصة تويتر، التي كانت الأثيرة لدى ترامب.
قرار شركة تويتر والشركات الأخرى التي ألغت حسابات الرئيس الأمريكي خطير للغاية ومن زاويتين: أولا من يعطي هذه الشركة الحق بأن تحدد معايير ما ينشر وما لا ينشر، ومن يحدد المنشورات التي تحض على العنف وتلك المقبولة بحسب وجهة نظرها. خصوصا أن القانون الأمريكي لا يرسم خطوطا واضحة في هذا الإطار. الخطير في الأمر أن ثلة من الأشخاص أصبحوا يحددون معايير حرية التعبير، خصوصا أن ما يعتبره هؤلاء الآن منافيا لحرية التعبير ومحرضا على العنف، كانت تعتبره تويتر سابقا ضربا من حرية التعبير عندما حدثت اضطرابات اجتماعية وسياسية في بلدان متعددة. هب أن الرئيس الأمريكي فيه كل الصفات السلبية التي ألصقت به وخطابه كان يحرض على العنف كما تزعم منصة تويتر، فكان يجب على المنصة أن تضع مقياسا على أساسه تنظر إلى كافة الحسابات. الخميني وقادة الحرس الثوري الإيراني، التنظيمات الراديكالية وزعماء اليمين المتطرف الأشد عنفا، كل هؤلاء لديهم حسابات على تويتر ويغردون صباح مساء محرضين على العنف والإرهاب. ما فعلته منصة تويتر والمنصات الأخرى على وسائل التواصل الاجتماعي يدل أنها تغولت بشكل كبير ويخشى أنها تجاوزت حدود السيطرة الوطنية وأصبحت في بعض الأحيان أقوى من الدول، لا بل أقوى من رئيس أقوى دولة في العالم بغض النظر عن موقفك منه، وهذا ناقوس خطر على الحريات العامة على المستوى العالمي.