بقلم: أكرم القصاص – اليوم السابع
الشرق اليوم- رغم أن المعركة بين ترامب والديمقراطيين، تدور فى عصر الاتصال والقرية الواحدة، إلا أنها تحمل كل صفات المعارك السياسية، الديمقراطيون يسعون لتصوير المعركة على أنها مع شخص دونالد ترامب، ورغم أن الفارق بين المرشحين بالتصويت ليس كبيرًا فقد فاز بايدن بـ81.3 مليون صوت حوالى 51.3% من الأصوات، مقابل 74.2 مليون صوت أى 46.8% لترامب، وفي المجمع الانتخابي حصل بايدن على أصوات 306 أعضاء من أصل 538 فى المجمع، مقابل 232 لترامب.
الصراع يجري إذًا داخل الولايات المتحدة، لكنه يستقطب جمهورًا من خارج أمريكا نجح الإعلام فى جذبهم لمعركة ليس لهم فيها ناقة ولا جمل. ويقدم الديمقراطيون القصة بهدف توجيه إهانة لترامب، ردًا على إهانته لهم طوال 4 سنوات. ويستخدمون الإعلام بينما يعجز ترامب عن توظيف البديل الاتصالى على مواقع التواصل بعد سيطرة خصومه على كل أدوات التواصل. وحتى الإعلام المحسوب على الجمهوريين تخلى عن ترامب، فيما بدا نجاحًا للديمقراطيين فى تحويل الصراع ليأخذ شكلًا شخصيًا، وهو أمر ساهم فيه ترامب، فلم يكتف بصناعة خصوم فى الديمقراطيين، لكنه صنع خصومات داخل المعسكر الجمهورى نفسه بما أدى لتقسيم هذا المعسكر.
خلال عاميه الأخيرين استفاد دونالد ترامب من وسائل التواصل الاجتماعى لتعويض حصار الإعلام التقليدى القوى فى الولايات المتحدة، وقضى أربع سنوات فى صدام وخصام ومقاطعة مع الإعلام استبدله بتويتر وفيس بوك، ولكنه فقد هذه الميزة عندما تم حرمانه من البديل السهل.
يصر الديمقراطيون بقيادة نانسى بيلوسى، رئيس مجلس النواب، على محاكمة ترامب، ويطالبون بعزله مع علمهم أن هذا الخيار يبدو مستبعدًا، من دون إعلان نائب الرئيس أو ضمان تصويت الشيوخ وأغلبيتهم من الجمهوريين، لكن الديمقراطيين بقدر ما وجهوا إهانة لترامب، فقد نجحوا فى تشتيته بعيدًا عن أى معارك جانبية فقد وجد ترامب نفسه فى موقع الدفاع، خاصة بعد اقتحام الكونجرس، واتهام الديمقراطيين لترامب بتحريضهم، وكان الاقتحام خطوة منحت خصوم ترامب فرصة ذهبية.
ترامب يواجه حصارًا رباعيًا من كل الجهات فقد أوقف تويتر حساب ترامب وحرمه 90 مليون متابع، وبرر “تويتر” قرار المنع أنه ينبع من مخاطر التحريض على مزيد من العنف بعد مظاهرات 6 يناير التى تم فيها اقتحام الكونجرس، ترامب ينكر علاقته بالتحريض لكن خصومه ينسبون له خطابات تحريض، اللافت أن تويتر وفيس بوك وجوجل وسناب شات وإنستجرام منعت ترامب، الذى علق على تجميد حسابه فى “تويتر” فى بيان نشره البيت الأبيض “لا يمكنك إجبارنا على السكوت”، وللمفارقة تم حذف البيان من تويتر على الفور، وأعلن “نحن نجرى محادثات مع العديد من المواقع الأخرى وقريبًا سيكون لدينا إعلان كبير، نحن أيضًا ندرس إمكانية إنشاء منصتنا الخاصة فى المستقبل القريب”.
لكن عندما سعى للجوء إلى تطبيقات أخرى فوجئ بأن التطبيقات تم حذفها من تطبيقات جوجل وأبل على الموبايلات، وهو ما جعل ترامب عاجزًا عن التعبير أو إطلاق خطابات وكلمات فى سابقة تبدو أنها أصابت كثيرين بالرعب حتى بين معارضى ترامب، الذين اعتبروا تحالف كل الإعلام وأدوات التواصل فى منع شخص حتى لو كان ترامب، يشير إلى قوة كبرى قادرة على التحكم فى هذه التطبيقات وسيطرة وتحكم لم يكن ظاهرًا ولا مسبوقًا حتى تجاه الجماعات اليمينية المتطرفة أو الإرهابية مثل داعش والتي كانت تستخدم تطبيقات “تويتر” و”فيس بوك” و”تليجرام” فى نشر رسائل وتعليمات وفيديوهات للذبح ونشر الرعب.
الديمقراطيون نجحوا في عزل ترامب، ووضعوه بموقف دفاع، لحين مغادرة منصبه، وقد يواصل تواجده ويبحث عن طريقة أو تطبيق جديد داخل أو خارج أمريكا، أو يلجأ لمقاضاة هذه الشركات، وبصرف النظر عن النتيجة فقد ترامب البديل للإعلام، لكنه لفت الأنظار لوجود قدرة على السيطرة، قد تنتهى بظهور بدائل لمواقع التواصل الكبرى، من خارج الولايات المتحدة. وهو إحدى نتائج أو صراع سياسي يجري على مواقع التواصل. وكل هذا بناء على حرب السيطرة والتفكيك بين ترامب وخصومه.