الشرق اليوم- كل الاجتماعات واللقاءات التي تجري بين الأطراف الليبية المتصارعة، السياسية والعسكرية والبرلمانية، التي تتنقل بين المغرب وتونس والقاهرة وجنيف، وداخل ليبيا، لم تضع أصابعها على الجرح وبيت الداء، وكأنها تغمّس خارج الصحن وليس داخله.
منذ أشهر، والاجتماعات لم تتوقف برعاية الأمم المتحدة أحياناً، وبإشراف دول عربية أحياناً أخرى. تتقدم خطوة هنا، وتتراجع خطوتين هناك، لأن هدف الحل السياسي له شروط لم يتم التطرق إليها، أو تحاول بعض الأطراف القفز فوقها لعلها تحقق مكسباً، أو تفرض على الآخرين شروطاً تحقق أهدافاً لقوى خارجية، بعيداً عن مصالح الشعب الليبي.
ما تم الاتفاق عليه حتى الآن يتمثل في خطوة واحدة يتيمة، وهي وقف إطلاق النار، التي كان ينتظر أن تشكل مدخلاً لحل سياسي تتفق عليه جميع الأطراف من خلال الحوار، ووفقاً لنصوص قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وهي القرارات 2509 و2510 و2450 و2542، إضافة إلى مقررات مؤتمر برلين الذي انعقد يوم 19 يناير/كانون الثاني 2020 الذي شارك فيه عدد من القادة العرب والأوروبيين، إضافة إلى الأمم المتحدة.
هذه القرارات تدعو بشكل واضح وصريح، من بين ما تدعو إليه، إلى وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية الليبية، وإلى حظر توريد السلاح، وإلى انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة، وحل الميليشيات، والمحافظة على سيادة واستقلال ليبيا ووحدة أراضيها.
كما أن الرئاسة المشتركة لمجموعة العمل الأمنية المعنية بليبيا، ممثلة بالاتحاد الإفريقي وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وتركيا، وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، دعت بعد اجتماعها قبل يومين عبر الاتصال المرئي، «جميع الأطراف إلى الإسراع في تنفيذ وقف إطلاق النار، وإجراءات بناء الثقة، لاسيما فتح الطريق الساحلي بين أبو قرين وسرت، وكذلك إخراج جميع المقاتلين الأجانب والمرتزقة على الفور»، وأشاد المجتمعون بجهود اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، و«التقدم الذي أحرزته في تنفيذ وقف إطلاق النار وعملية تبادل المحتجزين التي تمت مؤخراً».
هذا يعني أن مسألة القوات الأجنبية (والمقصود القوات التركية) وقوات المرتزقة التابعة لأنقرة، التي تم تصديرها من شمالي سوريا، إضافة إلى الميليشيات «الإخوانية» والإرهابية الأخرى، ما زالت تعيق الحل السياسي، وتشكل عقبة كأداء أمام المتحاورين من جهة والأمم المتحدة من جهة أخرى التي ما زالت تراهن على عامل الوقت وحسن النوايا، ولم تتخذ إجراءات زجرية بحق المعرقلين، أو الذين ينتهكون القرارات الدولية، خصوصاً تركيا التي تجاهر بدعم «حكومة الوفاق»، وتواصل إرسال السلاح والمرتزقة، وإطلاق التصريحات والمواقف الاستفزازية، من خلال قادتها السياسيين والعسكريين الذين لم ينفكوا يؤكدون نواياهم التوسعية تحت شعارات أكل الدهر عليها وشرب.
يبدأ الحل وينتهي عندما تسحب تركيا قواتها ومرتزقتها، ويتم حل الميليشيات، ويتوحد الجيش الليبي. عندها يصبح الحل السياسي متاحاً؛ حيث يقرر الليبيون مستقبلهم بأيديهم.
نقلاً عن صحيفة الخليج الإماراتية