بقلم: عبد الله بن سعد العمري – إيلاف
الشرق اليوم- في وقت غير مسبوق في المشهد السياسي الأمريكي، تتزايد حدة الانقسام بين السلطة التنفيذية المتمثلة في إدارة الرئيس ترامب وبين السلطة التشريعية المتمثلة بالكونغرس. وبالاستطاعة القول: إن الانقسام الحالي لم يكن أبدا ليخدم الحزب الجمهوري الذي بات نفسه المتضرر الأكبر كما هو الرئيس ترامب. ويبدو أن المشهد الحالي سوف يأخذ على عاتقه اصطفاف غير مسبوق بين الأغلبية الديمقراطية والإدارة الجديدة لتقييد ما تبقى من قدرات الحزب الجمهوري، حيث لم يعد بالإمكان القول إن الحزب الجمهوري اليوم يعيش أفضل أيامه. إذن: ما يجري الآن يمكن أن نسميه باكتساح هائل يصمم الديمقراطيون فيه على إضعاف قدرة الحزب النّد لسنوات قادمة، وذلك من خلال إدانة الإدارة الحالية بكل ما الوسع ليمتد أثر ذلك إلى بنية الحزب الجمهوري الذي أوصل ترامب إلى السلطة قبل أربع سنوات.
وفي هذا النفق المظلم الذي يأمل الجميع فيه رؤية النور في يوم 20 يناير، يأتي نائب الرئيس الأمريكي وحاكم إنديانا الأسبق مايك بنس ليقود المشهد وحيدا بين قوة تشريعية هائلة تطالبه بعزل الرئيس، وبين رئيس بات في نظر السلطات بقياداتها الديمقراطية على الأقل واجبا للعزل والمسائلة، وبين رئيس ربما يرفض فكرة الاستقالة ويدعمه الملايين من أنصاره.
وبالتالي، فإن الأمل الوحيد خلال الأيام المقبلة هو أن يحافظ مايك بنس على ما يمكن الحفاظ عليه لتعبر السفينة الأمريكية بهدوء حتى يوم تنصيب الرئيس الجديد جو بايدن. ومن أجل ذلك، فربما يؤمن مايك بنس بأن فكرة عزله لترامب ستزيد من حدة الانقسام داخل البيت الجمهوري وآمال الأنصار الذين يؤمنون بفكرة تزوير الانتخابات، ولكنه في المقابل ربما يؤمن أن الانقسام الشعبي سيكون أكبر فيما لو تمكن الكونغرس من عزل الرئيس قبل 20 يناير.
وعلى كل فقد يتبادر إلى الذهن فكرة أن الطريق الوحيد لإنهاء الانقسام الأمريكي المحتدم حاليا هو في أن يقنع مايك بنس ترامب نفسه بالاستقالة، وأن يتولى قيادة الولايات المتحدة لما تبقى من الفترة الحالية، وهي الخطة التي قد تطفئ شيئا من نيران الكونغرس، وتخرج مايك بنس من مسؤولية أي قرارات قد يكتبها التاريخ، ولكن بنفس الوقت فمن سيضمن أن استقالة الرئيس فيما لو تمت ستكون رسالتها التهدئة، وليس تجييشا آخر لأنصاره الذين يحلمون به رئيسا لهم. إن مايك بنس صاحب الخبرة والمتسم بالهدوء طوال الفترة الماضية سيتعين عليه في المحصلة اختيار ما يقلل من سخونة المشهد، أخذا بالاعتبار بأن ذلك لن يعيد للجمهوريين بعض ما فقدوه الأيام الماضية، وإنما تهدئة ما يمكن من جراح الولايات المتحدة.
إنه بلا شك أمام مرحلة حاسمة، والأسبوعين المقبلين لمايك بنس ربما سيكونان أهم من الأربع سنوات الماضية في فترة منصبه كنائب للرئيس.