الرئيسية / دراسات وتقارير / بالتحريض على اقتحام الكونجرس.. ترامب يكتب نهاية حياته السياسية بيده

بالتحريض على اقتحام الكونجرس.. ترامب يكتب نهاية حياته السياسية بيده

طعنة .. في ظهر الديمقراطية الأمريكية!!

“الرئيس المهزوم” ترك إرثًا مشينًا للحزب الجمهوري .. يصعب محوه!!

هذه العوائق .. تمنع عزله قبل تنصيب جو بايدن..!!

ملاحقات جنائية في انتظاره .. بعد خروجه من السلطة

الشرق اليوم- من بين الأسس التي ترتكز عليها السياسة الأمريكية، أن الرؤساء يتقبلون خسارة الانتخابات بكرامة. وفي الوقت نفسه، لم يتم ملاحقة وسجن أولئك المهزومين بسبب تصرفاتهم أثناء وجودهم في السلطة.

ولكن دونالد ترامب سدد طعنة في ظهر الديمقراطية الأمريكية، وذلك بتحريض مؤيديه على اقتحام مبنى الكابيتول هيل (مقر الكونجرس)، وأطلق العنان لسلطات يمكن أن تنهي رئاسته قبل 20 يناير، وتواجهه بارتكاب جرائم وذلك بعد ترك منصبه، الأمر الذي يزيد من تلطيخ الإرث الذي سعى بجد لتلطيخه.

في تجمع حاشد ذلك الصباح، حث دونالد ترامب مؤيديه على السير في مبنى الكابيتول، قائلاً إنه “لن يتنازل أبدًا” وأنه يجب عليهم إظهار “ما يحتاجونه من الفخر والجرأة لاستعادة بلدنا”. وفي تجمع حاشد، في وقت سابق، دعا رودي جولياني حليف ترامب إلى “الاحتكام للقتال”.

لقي هذا السلوك استهجانا واسع النطاق بين أعضاء الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وانضم في إلقاء اللوم على ترامب العديد من الشخصيات البارزة، بما في ذلك السناتور الجمهوري ميت رومني، الذي قال إن ما حدث في الكابيتول كان “تمردًا حرض عليه رئيس الولايات المتحدة”.

مع ذلك التزم ترامب بـ “انتقال سلس ومنظم وسلس للسلطة” في رسالة نشرت بالفيديو، ولكن “بعد خراب مالطة”، كما يقولون، حيث كان قد مر أكثر من 24 ساعة من الفوضى في مبنى الكابيتول نتج عنها خمسة قتلى على الأقل، في لحظة مظلمة وسريالية في التاريخ الأمريكي. وأسفر هذا الاعتداء أيضًا عن وقوع إصابات عديدة، وإراقة للدماء داخل مبنى الكابيتول، كما نُهبت قاعات الحكومة وتعطلت آليات الانتخابات المنصوص عليها في الدستور.

لكن السؤال الذي يدور في أذهان الكثيرين هو لماذا استمر ترامب في معركته لفترة طويلة ضد نتائج انتخابات نوفمبر؟ لقد كتب “الرئيس المهزوم” بيديه نهاية حياته السياسية، بما ارتكبه من ممارسات لا تليق بدولة ديمقراطية عظمى كالولايات المتحدة، وبالتالي فلن يتمكن من الترشح للرئاسة مرة أخرى.

ربما قَبِل رجل غيره الهزيمة في نوفمبر عندما اتضح فوز بايدن. كان بإمكان ترامب التحرر من الانصياع لقاعدته الأيديولوجية، واستخدام الشهرين الماضيين لقيادة المعركة ضد جائحة COVID-1، وتضميد الجراح، وصقل الحزب الجمهوري، الذي أساء إليه أيَّما إساءة وخلَّف له إرثًا مشينًا يصعب محوه!! ولعل فوز الديمقراطيين بالأغلبية في مجلسي النواب والشيوخ خلال انتخابات التجديد النصفي للكونجرس يقدم الدليل على تراجع شعبية الحزب الجمهوري، نتيجة لسياسات وتصرفات ترامب، حتى قبل واقعة اقتحام مبنى الكونجرس!!

وبعد أن لزم مسارًا غير مسبوق عقب الانتخابات، يواجه “الرئيس المهزوم” الآن إمكان اللجوء للتعديل الخامس والعشرين لدستور الولايات المتحدة، والذي قد ينتهي بعزله. فالقادة الديمقراطيون وحتى بعض الجمهوريين يطالبون بذلك.

لكن هناك عوائق ربما تمنع السير في الإجراءات التي يتطلبها التعديل الدستوري، لا سيما الحاجة إلى نائب الرئيس مايك بنس، وهو من الموالين لترامب على مدى أكثر من أربع سنوات. كما أن أي جهد رسمي لإزاحة الرئيس قبل أقل من أسبوعين من تنصيب بايدن قد يتسبب في مزيد من الانقسام الأيديولوجي في بلد يعاني بالفعل من مشاكل متفاقمة.

في الوقت الحالي، تماشياً مع التقاليد الأمريكية، لم يتم توجيه اتهام إلى ترامب بارتكاب أي جريمة. ومع ذلك، فبمجرد ترك منصبه، هناك تحقيق جنائي واحد على الأقل سيبدأ في نيويورك حول إحدى شركاته. كما يمكن أن تبدأ التحقيقات المحتملة الأخرى.

ولم يصدر أي رئيس عفواً عن نفسه أثناء وجوده في السلطة، ولم يطلب أي رئيس عفوًا مسبقًا عن تهم لم يتم توجيهها بعد، حيث يُقال إن ترامب يفكر في ذلك.

لكن أي محاولة من قبل ترامب لطلب العفو الذاتي ستواجه مشكلة لاحظها بنفسه منتصف عام 2018، عندما أثيرت قضية التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، حيث قال: “لماذا أفعل ذلك بينما لم أرتكب خطأ؟”. والعفو الذاتي، حتى لو اعتُبر دستوريًا، من شأنه أن يشوه إرث الرئيس.

ويمكن لبايدن وأنصاره أن يستنتجوا أن ترامب بحاجة إلى توجيه الاتهام بمجرد انتهاء فترة ولايته كتوبيخ وتحذير لأصحاب المناصب في المستقبل. وإذا أسفرت التحقيقات حول سلوك ترامب عن توجيه اتهامات، يمكن لإدارة بايدن إصدار عفو عنه.

سيحافظ هذا على بعض من كرامة مكتب الرئيس، بينما يعمل في الوقت نفسه على توبيخ ترامب من خلال إضافة اسمه إلى جانب اسم نيكسون سيئ السمعة باعتبارهما الرئيسين الوحيدين اللذين تم العفو عنهما. ومن المفارقات أن مصير ترامب وإرثه النهائي قد يكون في يدي الخصم (بايدن)، الذي رفضه ترامب بلا رحمة ولا هوادة.

في اليوم التالي للمهزلة، لم يتضح كيف فشلت السلطات الأمنية، من ناحية التكتيكات والتقنيات والإجراءات، في الدفاع عن مبنى الكابيتول من التوغل. لم تستطع قوات الأمن منع الغوغاء من مهاجمة المبنى، عندما كان التهديد باديًا للعيان من قبل. ربما لم يساور خيال السلطات أن تهاجم العصابات المؤيدة لترامب مبنى الكابيتول.

ويقول المراقبون إنه يجب معرفة سبب تمكن مجموعة من مثيري الشغب الموالين لترامب من اجتياح مبنى الكابيتول الأمريكي وتعطيل جلسة مشتركة للكونجرس. ولا ينبغي النظر إلى هذه الحادثة على أنها مجرد خدعة سياسية، بل يجب اعتبارها دليلاً على وجود فجوة خطيرة في الأمن القومي الأمريكي.

ويشيرون إلى أن هذا القدر من الخلل الوظيفي لا يمكن التغاضي عنه. فبينما اتخذ فيسبوك وتويتر إجراءات لمنع ترامب من الضغط على الأزرار وإرسال رسائل خطيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، لا يزال بإمكان ترامب الوصول إلى الزر الذي يطلق الأسلحة النووية.

وبالفعل صرحت نانسى بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي، أنها بحثت مع رئيس الأركان المشتركة إمكان اتخاذ إجراءات احترازية لضمان منع تمكن ترامب من القيام بأعمال عدائية أو إصدار أمر بشن ضربة نووية خلال الوقت المتبقي له في السلطة.

 وقالت بيلوسى فى خطاب لزملائها “الوضع في وجود هذا الرئيس لا يمكن أن يكون أكثر خطورة مما هو عليه الآن، ويحب أن نفعل ما بوسعنا لحماية الشعب الأمريكي من تغوله غير المتزن على بلادنا وعلى ديمقراطيتنا.”

لقد طعن ترامب الديمقراطية الأمريكية في الظهر، وألحق بها إصابات خطيرة، في سابقة لن تخلو منها سجلات التاريخ السياسي!

المصدر: صحيفة الجمهورية المصرية

شاهد أيضاً

هل انتهى محور الممانعة؟

الشرق اليوم– هل انتهى محور المقاومة والممانعة الإيراني؟ سؤال يصح طرحه بعد مرور أكثر من عام على …