الرئيسية / مقالات رأي / تفوّق الولايات المتحدة على الصين في أي حرب تايوانية ليس حتمياً في عهد بايدن!

تفوّق الولايات المتحدة على الصين في أي حرب تايوانية ليس حتمياً في عهد بايدن!

الشرق اليوم- سيواجه جو بايدن مجموعة من المصاعب والتحديات حين يستلم الرئاسة الأمريكية في 20 يناير، لكن سيكون تدهور العلاقات الصينية الأمريكية الأكثر تأثيراً على الأرجح، ومن المتوقع أن تصبح نقطة الاشتعال المحتملة في تايوان المسألة الأكثر إلحاحاً.

يدعو الكثيرون في واشنطن إلى التخلي عن سياسة “الغموض الاستراتيجي” المعتمدة منذ عقود مقابل الإعلان صراحةً عن استعداد الولايات المتحدة للدفاع عن تايوان إذا حاولت الصين يوماً أن تعيد توحيد الجزيرة بالقوة، يفترض هذا الموقف أن تتمكن القوات المسلّحة الأمريكية من إتمام تلك المهمة بنجاح، لكنّ هذه الفرضيات ليست في محلّها لثلاثة أسباب أساسية:

أولاً، يرتفع احتمال أن تفشل الولايات المتحدة عسكرياً في منع أي هجوم صيني قوي ومتقن، يذكر التقرير السنوي الذي قدّمته وزارة الدفاع الأميركية أمام الكونغرس حول الصين أن جيش التحرير الشعبي الصيني يتابع تحديث نفسه منذ عقود وقد طوّر قدراته الدفاعية الأساسية المعروفة باسم استراتيجيات “منع الوصول/تحريم الدخول” (A2/AD).

خلال العقود القليلة الماضية، طوّر الصينيون أسلحة حربية حديثة وحسّنوا نوعية قوتهم القتالية مقارنةً بما كانت عليه حين فككت الولايات المتحدة الجيش العراقي في عهد صدام حسين في عام 1991، ورغم تفوّق الجيش الأمريكي عالمياً، قد تستفيد بكين تكتيكياً من أي قتال داخل “سلسلة الجزر الأولى” بالقرب من الساحل الصيني. قد تمنع القوة الأمريكية التقليدية والنووية الصين من مهاجمة الأراضي الأمريكية أو القوات المسلّحة، لكن ستتفوق بكين إذا قرر الأمريكيون التدخل في جوارها.

ثانياً، قد لا تكتفي تايوان باستهداف القوات الصينية الهجومية للدفاع عن نفسها في حال اندلاع الحرب، فتستهدف أيضاً القواعد العسكرية في البر الصيني الرئيسي، فإذا انضمّت الولايات المتحدة إلى القتال ضد الصين، من المستبعد أن تميّز بكين بين الاعتداءات التايوانية والأمريكية ضد أراضيها وقد تطلق رداً صينياً ضد المواقع الأمريكية في المنطقة (في اليابان أو كوريا الجنوبية أو غوام أو هاواي) أو تستهدف الأراضي الأمريكية مباشرةً، في هذه الحالة، ستزيد مخاطر الرد النووي سريعاً.

ثالثاً، لا شيء يضمن ألا تُكرر الصين محاولاتها حتى لو تجاوز الأمريكيون جميع المصاعب وألحقوا هزيمة مباشرة بالصينيين. نتيجةً لذلك، قد تنشغل واشنطن بتحصين تايوان طوال الوقت، فيصبح أمنها جزءاً من المسؤوليات الأمريكية، كذلك، قد يطلق هذا الوضع حرباً جديدة مع الصين لأن الوجود الأمريكي العسكري على طول المضيق قد يدفع بكين إلى التحضير لجولة قتالية جديدة.

تُعتبر تايوان جزءاً من المصالح الصينية الأساسية، لذا من المستبعد أن يتوقف القتال هناك، سيضطر الأمريكيون إذاً لإنفاق المليارات سنوياً للدفاع عن تايوان بشكلٍ دائم، ما يؤدي إلى تصاعد الأعباء على الاقتصاد الأمريكي وتغيير أهداف القوات العسكرية والموارد في جميع أنحاء العالم وزيادة حجم الجيش الأمريكي وميزانية الدفاع بدرجة كبيرة.

قد يؤدي تحمّل هذا العبء باعتباره شكلاً من “المكافأة” مقابل منع الصين من الاستيلاء على تايوان إلى إفلاس الولايات المتحدة حرفياً وزيادة هشاشتها أكثر من أي وقت مضى منذ الحرب العالمية الأولى. يجب أن يدرك الجميع أن أخذ هذا النوع من المجازفات الضخمة لا يصبّ في مصلحة واشنطن.

في النهاية، ستبقى الولايات المتحدة من أصدق المدافعين عن الحرية وتقرير المصير في أنحاء العالم، لكنها ليست مضطرة لضمان حرية الأراضي والشعوب في جميع الدول الأخرى، ستكون المجازفة بإضعاف قدرة واشنطن على حماية حرياتها الخاصة في خضم محاولات الدفاع عن حريات الدول الأخرى مأساة حقيقية.

المصدر: صحيفة الجريدة

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …