BY: Sylvie Kaufman
الشرق اليوم- إن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، يفضح من خلال رفضه بعناد ترك السلطة، هشاشة النظام الأمريكي، ويقدم درسا بهجومه المدمر النهائي لجميع الديمقراطيات.
وتساءلت كوفمان أهي فتنة أم تمرد أم انقلاب أم قانون عسكري؟ طبعا ليس كُتّاب التحرير في صحيفة فنزويلية هم من يعبرون هنا عن مخاوفهم بشأن الوضع الحالي، بل كتاب الأعمدة السياسية المحلية في واشنطن بوست ونيويورك تايمز وول ستريت جورنال، وهذه هي الديمقراطية الأمريكية التي نتحدث عنها.
وأن ما كان يحدث في السنوات الـ4 الماضية في الولايات المتحدة أمر خطير، ولكن ما حدث في الشهرين الماضيين خطير للغاية، لأن انتصار جو بايدن على ترامب في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بفارق 7 ملايين صوت شعبي و306 أصوات مقابل 232 صوتا في المجمع الانتخابي، لا جدال فيه.
وكان من المرجح أن يسمح هذا الانتصار -كما تقول كاتبة الافتتاحية- بالتناوب الديمقراطي في ظل ظروف أكثر طبيعية من تلك التي مر بها الناخبون الأميركيون في عام 2000، عندما أدت فجوة بضع مئات من الأصوات في فلوريدا بين آل غور وجورج دبليو بوش إلى تأخير النتيجة النهائية لمدة 5 أسابيع.
طعن على أعلى مستوى
هذه المرة كانت النتائج واضحة -كما تقول كوفمان- وجديرة بإغلاق قوس رئاسة ترامب، إلا أن هذا النصر الذي لا يقبل الشك، تم الطعن فيه على أعلى مستوى، أمام المحاكم أولا، مما يزعج الفائز ولكن الخلاف ظل في إطار الإجراءات المنصوص عليها في القانون.
وبعد أن فشلت هذه الدعاوى بسبب عدم وجود أي تزوير ثابت، انتقلت الأمور إلى المرحلة التالية، الخارجة عن القانون -كما تقول الكاتبة- وها هو العالم مذهول، يستمع إلى تسجيل مكالمة هاتفية لمدة ساعة، يضغط فيها رئيس الولايات المتحدة، من البيت الأبيض الذي لا يريد مغادرته، على رئيس العمليات الانتخابية في جورجيا، ويقول بصورة حاسمة إنه خسر بـ11779 صوتا.
وكان دونالد ترامب الذي يرفض الخسارة، قد أخبر محاوره براد رافنسبرغر، أنه فاز بالفعل في جورجيا “بمئات آلاف الأصوات”، “ربما نصف مليون”، ولكنها سُرقت منه عن طريق تزوير ضخم.
وبسبب غضبه من إنكار رئيس العمليات الانتخابية بجورجيا ومستشاره القانوني، أصدر لهم الرئيس أمرا مثل زعيم المافيا، بالحصول على الأصوات التي يفتقر إليها لعكس نتيجة الانتخابات في ولايتهما، قائلا: “كل ما أريده هو هذا”. أريد أن أجد 11780 صوتا، أي أكثر مما فاتني. إذن، ماذا نفعل يا رفاق؟ سيكون هذا العمل جيدا”.
هذا “أسوأ” من ووترغيت، يقول كارل بيرنشتاين لـ”” CNN، وهو أحد من كشفوا القصة التي أسقطت الرئيس ريتشارد نيكسون.
وهذا التسجيل -حسب الكاتبة- يجب أن يدرس في جميع دروس العلوم السياسية، لإظهار أن الديمقراطية قاتلة، لأنها أحيانا لا يمسكها سوى خيط، واسمه هذه المرة براد رافنسبرغر، وهو رجل جاف ذو شعر رمادي، منتخب مثل رئيسه الذي لا يفتأ يذكره بذلك، من قبل الجمهوريين، لكنه يحترم القانون وضميره، ويساعده محامٍ شاب.
ماذا كان سيحدث لو انقطع الخيط؟ هذا هو السؤال الخطير -حسب الكاتبة- الذي يواجه خبراء مثل مؤرخ هارفارد ألكسندر كيسار الذي أقر في حديث لواشنطن بوست الشهر الماضي، بأنه “أصبح من السهل تصور أن انتخابات رئاسية مقبلة يسيطر الجمهوريون على المجلسين فيها، يمكن أن يبطل فوز رئيس ديمقراطي. أجد ذلك مزعجا للغاية. مزعجا جدا”.
ديمقراطية ضعيفة
هذه الفرضية منطقية للغاية، لأن 13 عضوا جمهوريا في مجلس الشيوخ بقيادة تيد كروز، ونصف الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب، قرروا عدم التصويت على التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية اليوم الأربعاء، خاصة أن هذا التصويت في الكونغرس هو -تقليديا- إجراء شكلي.
لكن في عهد دونالد ترامب، لم يعد هناك شيء تقليدي -كما ترى الكاتبة- إذ أصبح الحزب الجمهوري ممزقا بين أولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن قواعدهم الشعبية “سرقت” في انتخابات 3 نوفمبر/تشرين الثاني الأخيرة وبين أولئك الذين يرفضون تعريض النظام الدستوري للخطر، وهم من وصفهم ترامب “بالعار” على تويتر.
ومع أنه من المتوقع أن يصادق الكونغرس على انتخاب جو بايدن، فإن “السيناريو الكابوس” الذي كان يخشاه كثير من السفراء الأوروبيين دون أن يصدقوه، بدأت وقائعه، وهو انتقال فوضوي للسلطة في واشنطن مع عواقب لا يمكن السيطرة عليها في حالة انتصار ضئيل لجو بايدن، كما تقول الكاتبة.
وهذا السيناريو مخيف للغاية لدرجة أن وزراء الدفاع العشرة السابقين من الديمقراطيين والجمهوريين اتخذوا مبادرة غير مسبوقة للتحذير عبر صحيفة واشنطن بوست من استخدام الجيش في حل النزاعات الانتخابية، لأن ذلك “سيأخذنا إلى أرضية خطيرة وغير قانونية وغير دستورية”.
وها نحن في الولايات المتحدة عام 2021 -كما تقول الكاتبة- وقوس ترامب لم تغلق بعد، وحتى إذا انتهى به الأمر إلى إخلاء البيت الأبيض يوم 20 يناير/كانون الثاني الجاري، فسوف يترك وراءه ديمقراطية ضعيفة بشكل لا يصدق، ومشهدا سياسيا مبتلى بالأكاذيب، و74 مليون ناخب متعطش للانتقام أو مشوش، كما سيترك في الوقت نفسه جيشا من الجمهوريين الجدد المستعدين لمواصلة حربه في عام 2022، وفي هذا درس لجميع الديمقراطيات.