بقلم: منار الشوربجي – المصري اليوم
الشرق اليوم – سواء انتهت انتخابات ولاية جورجيا بفوز الديمقراطيين أو الجمهوريين بالأغلبية بمجلس الشيوخ، وبغض النظر عما قد يحدث اليوم الأربعاء عندما يصدق الكونجرس بمجلسيه على نتيجة انتخابات الرئاسة، فإن النتيجة في النهاية واحدة. فستبدأ إدارة بايدن عملها وهي تواجه تحديات عضالًا، لا تقل خطورة عنها الحالة البائسة التي يعاني منها النظام الحزب الأمريكي.
فلعلها المرة الأولى التي تحظى انتخابات الإعادة لمقعدين بمجلس الشيوخ بالاهتمام العالمي الذي تحظى به انتخابات ولاية جورجيا. فهذان المقعدان سيحددان لمن تكون الأغلبية بالمجلس. وهي مسألة بالغة الأهمية، تتحدد على أساسها طبيعة علاقة الكونجرس بالرئاسة، على الأقل خلال العامين القادمين. فاحتفاظ الجمهوريين بالأغلبية بالمجلس في ظل الاستقطاب والاحتقان الحاليين معناه تعطيل أجندة بايدن وعرقلتها في كل مراحل العملية التشريعية.. لذلك وصف المراقبون تلك الانتخابات بأنها ربما “أهم انتخابات تكميلية في التاريخ الأمريكي”.
أما اليوم، فهو الأربعاء الذي يلي أول اثنين في شهر يناير، أي الموعد المحدد لقيام مجلسي الكونجرس بالتصديق على تصويت المجمع الانتخابي على الفائز بمنصب الرئاسة. وهو التصديق الذي لا ينتبه له أحد في العادة داخل أمريكا وخارجها، كونه ظل دوما إجراءً شكليًا، إلا أن ترامب وأنصاره يبحثون عن أي ثغرة يمكن تحويلها لفرصة للانقلاب على إرادة الناخبين. وهي الخطوة التي تم فيها الضغط بشدة على نائب ترامب، مايك بنس، الذي يترأس دستوريا ذلك الاجتماع، وأعضاء المجلس، بل حكومات الولايات، كما تبين من التسجيل المسرب الذي يضغط فيه ترامب على مسؤول ولايات جورجيا مطالبا “بإيجاد 17 ألف صوت” تقريبا حتى يفوز بالولاية. وأيًّا كان الصخب الذي سيدور اليوم، فأثره الأهم هو رفع حالة الاحتقان لمستويات غير مسبوقة.
لكن نتيجة انتخابات ولاية جورجيا والتصديق على انتخاب بايدن- بغض النظر عن نتيجتيهما المباشرة- لهما دلالات خطيرة. فللجمهوريون حتى الآن 50 مقعدًا بمجلس الشيوخ مقابل 48 للديمقراطيين. لذلك فإن انتخابات جورجيا ستحدد الحزب الذي سيتولى الأغلبية. والجمهوريون يحتاجون الفوز بمقعد واحد فقط لتحقيق الأغلبية البسيطة، بينما يحتاج الديمقراطيون لمقعدين. فإذا ما حصل الديمقراطيون على المقعدين سيكون لـ”كمالا هاريس” الصوت الترجيحي، كونها دستوريًا رئيسة مجلس الشيوخ. وهو الدور الذى سينتفي لو حصل الجمهوريون على 51 مقعدا.
لكن في الحالتين يظل الهامش ضئيلًا للغاية، مما يعني سنوات عاصفة من العمل السياسي أو ربما اللاعمل أصلا. ويصدق الشيء نفسه على انتخابات الرئاسة نفسها. ففي ولاية جورجيا مثلا، فاز بايدن ليكون أول ديمقراطي منذ عقود يفوز بالولاية. لكنه فاز بهامش ضئيل للغاية لا يتعدى 12 ألف صوت.
وهذا هو بالضبط جوهر الأزمة. فلا الحزب الديمقراطي ولا الحزب الجمهوري يحظى بشعبية قوية تتخطى حدود أنصاره، الأمر الذي يعني أن أيًّا منهما لا يملك الأغلبية القوية التي تسمح له باتخاذ قرارات حاسمة بخصوص القضايا الكبرى. وينطبق ذلك على إدارة بايدن، حتى لو صار لحزبه الأغلبية بالمجلسين، مثلما ينطبق على الحزب الجمهوري، حتى لو فاز بأغلبية مجلس الشيوخ.