الشرق اليوم- تؤكد الأحداث التي تشهدها البادية السورية، الممتدة من الأرياف الغربية لمدن حلب، وحمص، وحماه، ودير الزور، باتجاه الشرق، وصولاً إلى الحدود العراقية، أن تنظيم “داعش” الإرهابي يستعيد أنفاسه، وبدأ بتنظيم عمليات عسكرية ضد القوات السورية النظامية، خصوصاً من خلال الهجمات المباغتة، والكمائن التي تستهدف المواقع، والحافلات العسكرية.
وخلال الشهرين الأخيرين جرت معارك ضارية مع التنظيم المذكور في مثلث حلب- حماه – الرقة، وعلى طريق الرقة- دمشق، وعلى طريق حمص- دير الزور، أدت إلى خسائر كبيرة في الأرواح، واضطر سلاح الطيران الروسي، والسوري، إلى التدخل أكثر من مرة لإفشال هجمات “داعش”؛ حيث تمكن التنظيم، على ما يبدو، من إعادة تنظيم صفوفه في بيئة صحراوية ما زالت توفر له حضانة مناسبة، ومأوى أميناً يوفر له مساحة من القدرة على التحرك.
وما يجري في سوريا، يجري مثله في العراق، إذ تتحدث الأنباء يومياً عن هجمات ل”داعش” في مختلف المحافظات العراقية، وحتى القريبة من بغداد، بمهاجمة قوافل، أو مواقع عسكرية، أو قرى نائية، وقيام الجيش العراقي بملاحقة فلوله، أو قيام طائرات التحالف بقصف مواقعه ومخابئه.
ماذا يعني ذلك؟ من دون تهويل، أو تهوين ما يجري، فإن “داعش” الذي هزم في معارك العراق، وسوريا، وخسر عاصمته (الرقة)، وموقعه الحصين في الموصل، وتم وضع نهاية ل”خلافته”، و”خليفته” المزعومين، وتشتت مسلحيه، تمكن خلال هذه الفترة الفاصلة من إعادة تجميع شتاته، وتنظيم نفسه، واستعادة أنفاسه، وبات في مقدوره معاودة مسيرة التخريب، والتدمير، والقتل، وسفك الدماء، من خلال عمليات الكرّ، والفرّ، التي يبدو أنها باتت الاستراتيجية التي يتبعها في هذه المرحلة.
وإذا صدقت التقارير الاستخبارية الغربية عن وجود ما لا يقل عن ثلاثين ألف إرهابي ل”داعش” في مناطق الصحراء بين سوريا والعراق، فهذا يعني أن هذا التنظيم يستعيد قوته من جديد، وبات يشكل خطراً حقيقياً، ربما يتجاوز هذين البلدين العربيين، كما كان حاله في السابق.
لذا، يجب عدم الاستهانة، أو التقليل من هذا الخطر، وهو مؤشر على أن الكلام عن تجفيف منابع الإرهاب المالية، واللوجستية. والقرارات التي صدرت بهذا الخصوص عن مجلس الأمن والمنظمات الدولية الأخرى لا تحترم، وأن هناك من لا يزال يموّل، ويسلّح، وينظّم، ويرصد، ويوفر للإرهابيين ملاذات آمنة، بل يقدم معلومات عسكرية وخرائط عن مواقع عسكرية ومدنية هشة يمكن ضربها.
لقد أدت جائحة “كورونا” التي ضربت العالم إلى التخفيف من الاهتمام بمواجهة الإرهاب الذي استغل الفرصة لاستعادة أنفاسه، وتحريك خلاياه النائمة، وذئابه المنفردة، ليس في المنطقة العربية وحسب، أنما في مناطق أخرى في أوروبا، وإفريقيا، كما ساعد ذلك الغرف السوداء على استكمال مسيرة التآمر من خلال إعطاء الضوء الأخضر لأدواتها الإرهابية.
المصدر: الخليج