BY:David Olusoga
الشرق اليوم – نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية مقالا تتحدث فيه عن استراتيجية إلقاء اللوم على الأكاديميين والمؤرخين بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
فقبل “البريكست” كانت أصابع الاتهام توجه إلى بروكسل في غالبية المشاكل البريطانية، أما الآن، فهناك “أعداء جدد” يمكن إلقاء اللوم عليهم هم “الأكاديميون، والمؤرخون على وجه الخصوص، الذين يركز عملهم على تاريخ الإمبراطورية والعبودية”.
إن هؤلاء “تعرضوا هم والمؤسسات التي كلفت بإجراء بحث لنظام جديد من العداء”.
ومثل هذه الاستراتيجيات هي تكتيك يأملون أن يتمكنوا من خلاله إعادة توجيه بعض الغضب والاستياء الذي زُرع بعناية على مدى عقود واستهدف بروكسل، إلى أعداء في الداخل.
فالحكومة ومؤيدوها يرمون أيضا “إلى تنصيب أنفسهم كمدافعين عن المؤسسات البريطانية وأبطال التاريخ البريطاني”.
ففي أغسطس / آب الماضي، أُدين المتحف البريطاني لإضافة معلومات وجمع قطع أثرية جديدة حول تمثال نصفي لهانس سلون، “وهو جامع تحف راكم ثروته من العبودية”، وبعد أسابيع، أدين الصندوق القومي عندما كشف أن العديد من الممتلكات التي تقع تحت رعايته لها صلات تاريخية بالعبودية أو الإمبريالية.
وبالاستناد إلى هاتين الحادثتين، فإن “مشاريع البحث والنتائج التي كان من الممكن أن تجذب قليلا من الاهتمام العام قبل بضع سنوات فقط قُدمت على أنها تهديدات وجودية للأمة ونسخة واحدة من الهوية الوطنية، وجرى التنديد بالأكاديميين المشاركين فيها بالصحف بأنهم أعداء في الداخل لمجرد قيامهم بوظائفهم”.
إن “مهاجمة المؤرخين الذين يجرؤون على دراسة دور العبودية أو الإمبريالية في تكوين الثروة الوطنية لبريطانيا وثقافتنا تخلق بشكل ملائم أعداء جددا يمكن عرضهم أمام الشعب”.
وما يتعرض للاعتداء هنا ليس مجرد أفراد، بل الفضول الأكاديمي نفسه، شريان الحياة للمعرفة التي تُصور الآن على أنها شكل من أشكال الخيانة الثقافية أو تُصور تصويرا خاطئا على أنها مواقف سياسية.
وهناك أسطورة حول “ثقافة الإلغاء” وهي اعتبار أنها موجودة فقط لدى اليسار. إلا أنه “على مدى العقود الأربعة الماضية، ناضلت الصحف اليمينية بلا هوادة لنزع الشرعية بدافع من طموحات مالية وسياسية”.
كما تم شن الهجمات الأخيرة على المتاحف والجامعات والصندوق الوطني ليس لكسب الحجج أو التأثير على شكل النقاشات التاريخية ولكن لتخويف المؤسسات الأخرى وتشجيعها على إلغاء المشاريع التي ربما كانت تفكر فيها؛ للتحقيق في روابطهم التاريخية بأجزاء من ماضي بريطانيا التي يشعر قادتنا وكثير من صحافتنا بضرورة التخلي عنها أو تركها دون فحص.
يمكننا القول إن ما يجري “حرب ضد الحقائق وهروب من العقل بدافع من عبادة الغموض. إنه تآكل على المستوى الثقافي ولكنه مناسب على المستوى السياسي”.
ترجمة: BBC