بقلم: زين العابدين صالح – الراكوبة نيوز
الشرق اليوم- تمر علينا الذي 64 لاستقلال السودان، ونهنئ الشعب السوداني بالذكرى. ومن ناحية الأداء في الدولة ما تزال الأسئلة حائرة دون إجابات، وحتى لا نغرق في أسئلة التاريخ، يجب أن نحصر أنفسنا في أسئلة ما بعد ثورة ديسمبر 2019م، التي اقتلعت نظام الإنقاذ الشمولي، وهما سؤالان الأول كيف يتم انجاز الفترة الانتقالية دون برنامج واضح، وعلى ضوئه يمكن محاسبة المسؤولين عن فشل تحقيق أهداف الفترة الانتقالية؟ و الثاني هل كل القوى في الحرية و التغيير و الجبهة الثورية والمكون العسكري لديهم الرغبة في عملية التحول الديمقراطي ولديهم تصور كيف يتم هذا التحول؟ وهل هؤلاء بالفعل ليس لديهم الرغبة في مد الفترة الانتقالية أم تتطابق رؤاهم في مدها إذا كانت لم تحقق الرغبات الخاصة في هذه الفترة المحدودة؟ أن الرغبات الخاصة تؤكدها مسألة المحاصصة التي يؤمن بها الجميع حتى الذين أكدوا أنهم لا يريدون المشاركة في هياكل سلطة الفترة الانتقالية جميعهم عدلوا هذا القرار وطالبوا بحصصهم في هياكل السلطة. فالرغبة المحمومة في السلطة لا تتماشى مع الرغبة في عملية التحول الديمقراطي الذي يفرض شروط جديدة للسلطة أغلبية هؤلاء لا يمتلكونها. لذلك تجد كل هذه القوى لا تملك رؤية سياسية نحو المستقبل، لآن الذي يجعل همه إرساء القيم الديمقراطية في المجتمع، يسرع في عملية التحول الديمقراطي، ولا يجعل همه كله ينصب في عملية المحاصصة، فالمستقبل يبنى بالأفكار الجادة الوطنية التي يتم لها استقطاب أغلبية الشباب الواعد، ولا يكون هم القيادات محصور في محاصصات لوظيف فترة انتقالية لها أهداف محددة وفترة زمنية محددة.
الملاحظ: أن سلطة الفترة الانتقالية و باعتراف بعض قادتها أنهم جميعا وقفوا في محطة واحدة تسمى الفشل. الفشل في تحقيق مهام الفترة الانتقالية و توفير حياة كريمة للشعب، خاصة في متطلبات الحياة المعيشية اليومية. أن أول من تحدث عن الفشل و بشكل واضح كان نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو “حميدتي” ثم قال به أيضا رئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وأكده رئيس الوزراء عبد الله حمدوك عندما قال أننا جمعيا ساهمنا في هذا الفشل، ثم أعاد تكراره رئيس حزب المؤتمر السوداني جلال الدقير في برنامج “بلا حدود من قناة الجزيرة” والغريب في الأمر الكل سكت عن ماهية الأسباب التي أدت للفشل، ومن أهم مقومات إصلاح الفشل الاعتراف به ثم معرفة أسبابه، و العناصر التي كانت أقل من المستوى المطلوب، و لكن فقط الاعتراف به دون الخوض في تشريح هذا الفشل، يؤكد أن الاعتراف نفسه جاء بسبب سخط الجماهير لأنها تعيش هذا الفشل، لكن الذهنية التي تقبض علي مفاصل السلطة الانتقالية ستظل تدير المؤسسات بذات التقصير الإداري الذي أدى للفشل.
ونقف أمام كلمة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بمناسبة عيد الاستقلال التي قال فيها “نريد أن نجدد عزمنا ووعدنا بأن يمضي هذا الانتقال إلى غاياته حتى يفضي إلى ديمقراطية مستدامة ويحقق شعارات ثورة ديسمبر المجيدة في الحرية والسلام والعدالة، وفي هذا الصدد لم تنقطع مشاوراتنا مع مختلف مكونات السلطة الانتقالية من أجل استكمال هياكل الحكم، وستشهد الأيام القليلة القادمة تشكيل مجلس الوزراء، وإعلان المفوضيات، والمجلس السيادي، وكذلك المجلس التشريعي الذي نسعى لجعله ممثلاً لكل قطاعات وفئات الشعب السوداني ليضطلع بمهامه التشريعية والرقابية المُوجهة لمسار الفترة الانتقالية” هذا الاقتباس ” Quote” من الكلمة يعد أهم سياق فيها لأنه يتحدث عن أهداف الثورة و عملية التحول الديمقراطي، وطبعا الأخيرة حتى الآن مسكوت عنها تماما بسبب عدم معرفة ماهو المشروع السياسي الذي تريد تنفيذه القوى السياسية. خاصة بعد الخلافات التي ضربت الحاضنة السياسية، حيث جمد حزب الأمة نشاطه ومشاركته في الحاضنة السياسية وخرج الحزب الشيوعي منها، وكل ذلك يعقد المشكلة أكثر لأسباب عديدة تتمحور في الأتي:-
1 – أن خروج عدد من الأحزاب من تحالف قوى الحرية والتغيير وعلي رأسهم الحزب الشيوعي وتجميد حزب الأمة لنشاطه ورفضه المشاركة في أي عمل للتحالف، وأيضا خروج عدد من الأحزاب باعتبار أن التحالف تسيطر عليه فئة قليلة لتحقيق مصالحها، يؤكد أن التحالف الآن به ثلاثة قوى سياسية، الأولي المؤتمر السوداني و حزب البعث العربي الاشتراكي جناح السنهوري و تجمع الاتحاديين، و بالتالي تصبح عملية أختيار القيادات لمجلسي الوزراء و المجلس التشريعي يتحكم فيها كل من المؤتمر السوداني وحزب البعث العربي الاشتراكي. وتجمع الاتحاديين متأرجح الموقف بسبب غضبة التاريخ التي يتوقعها.
2- تجميد حزب الأمة للمشاركة في الحاضنة، ثم أعلان أنه سف يشارك في هياكل السلطة بعد ما كان رافضا سوف تعطيه كوته أكبر من الآخرين في مجلسي الوزراء و التشريعي.
3 – الجبهة الثورية سوف تشارك في هياكل السلطة جميعها وهي في حالة تحالف مع المكون العسكري الأمر الذي سوف يضعف قوى قحت، لكن القوى الموجود الآن في قحت ليست ببعيدة عن الحلف الجديد العسكري وشبه العسكري.
4 – لذلك تجد أن الأحزاب التي آلت إليها ملكية تحالف قوى الحرية والتغيير، لم تتردد في ترشيح عضويتها من الصف الأول في ملء الحقائب الدستورية في هياكل السلطة.
5 – و هناك مكتب حمدوك الذي عين فيه عدد من أصدقائه، هؤلاء أيضا سوف ينال بعض منهم جزء من هذه الحقائب. إضافة إلي أن هذا المكتب هو الذي يرشح لرئيس الوزراء العناصر التي يراد تعينها في الوظائف القيادية في الخدمة المدنية.
أن الذين امتلكوا تحالف قحت بوضع اليد، ومكتب حمدوك إلي جانب الجبهة الثورية ليس لهم أية مصلحة في عملية التحول الديمقراطي، بل سوف يجدوا التبريرات من أجل مد الفترة الانتقالية أطول فترة ممكنة، وهي لا تتعارض مع رغبة العسكر في مد الفترة الانتقالية. كما هؤلاء ليس لديهم الرغبة في عملية تحول ديمقراطي، حيث يعتبر وجودهم في سلطة بعد الفترة الانتقالية مرهون بإختيار الشعب لهم من خلال صناديق الاقتراع، الأمر الذي لا يرغبون فيه. ورئيس الوزراء علي يقين كامل أن عملية التحول الديمقراطي تتعارض مع مصالح القابضين علي السلطة. أما تحقيق شعارات الثورة التي تتمثل في “حرية – سلام و عدالة” أول من ضرب بها عرض الحائط حمدوك نفسه عندما حرم أبناء الشعب من التنافس علي وظائف الخدمة المدنية القيادية و جعلها للمقربين له. ورغم إدانة بعض الأحزب ورفضهم لتسيس الخدمة المدنية لم يتوقف عن ذلك بل زاد في عملية التعيين. و نسأل الله حسن البصيرة.