بقلم: بيشوي رمزي – اليوم السابع
الشرق اليوم – “الأكثر إثارة للإعجاب في عام 2020”.. لقب يفوز به الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، متفوقا على خصمه اللدود باراك أوباما، وذلك بعد أسابيع قليلة من خسارته للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات، إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الاختيار يأتي بناءً على استطلاع للرأي أجرته منصة متخصصة، وهي مؤسسة “جالوب” للأبحاث، وهو ما يقدم مؤشرا جديدا على حالة الانقسام الكبير الذي يشهده الداخل الأمريكي في الآونة الراهنة، حيث يمثل انعكاس قوة الكتلة المؤيدة لترامب، والتي طغت، طبقا للنتائج، على شعبية أوباما، والذي يعد أحد أبرز رموز الحزب الديمقراطي، والذي يرى قطاع كبير من المتابعين أنه لعب دورا محوريا في فوز الرئيس المنتخب جو بايدن.
ولكن بعيدا عن مؤشرات الانقسام الأمريكي، يبدو اختيار رئيس خاسر في انتخابات رئاسية، ليكون “الأكثر إثارة للإعجاب”، ملفتا لدرجة كبيرة، خاصة وأن الاستطلاعات نفسها أجمعت على خسارته قبل المعترك الانتخابي، الذي جرى في نوفمبر الماضي، وهو ما يعكس تباينا كبيرا في المواقف التي أعربت عنها تلك الاستطلاعات قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في فترة زمنية قصيرة للغاية لا تتجاوز أسابيع معدودة، لتثير نتيجة الاستطلاع الأخير شكوكا جديدة حول ما إذا كانت تهدف في الأساس إلى تحقيق أهداف سياسية بعينها، بعيدا عن هدفها الذي خلقت من أجله، وهو تحديد اتجاهات الشارع.
ولعل فوز ترامب في الاستطلاع الأخير، تزامنا مع اقتراب خروجه من البيت الأبيض، يحمل في طياته “صفقة”، تقوم في الأساس على إمكانية الخروج “من الباب الكبير”، عبر إنهاء حقبته بصورة تبدو مشرفة، عبر تحقيق انتصار معنوي على خصومه، وعلى رأسهم أوباما، مقابل التخفيف من حدة إنكاره المستميت للنتائج التي آلت إليها الانتخابات الرئاسية، إلى حد التشكيك في نزاهتها، فيما يمثل تقويضا صريحا للديمقراطية الأمريكية، والتي تعد أحد أهم ثوابت المعادلة السياسية في الولايات المتحدة، والتي اعتمدتها منذ عقود، لإرساء قيادتها الدولية للعالم، باعتبارها أبرز وجوه التحضر في كوكبنا.
وتعد انتقادات ترامب المستمرة لنتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة، خطرا محدقا أمام مستقبل الولايات المتحدة، ليس فقط في إطار معارضته المرتقبة لإدارة بايدن، في ضوء إجادته لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي في التواصل المباشر مع المواطن الأمريكي، وإنما أيضا للقيادة الأمريكية للعالم، في ضوء معطيات عدة، أبرزها صعود العديد من القوى الدولية لمزاحمة واشنطن على قمة النظام الدولي، على رأسها الصين وروسيا.
وهنا يثور التساؤل حول ما إذا كانت الصفقة مرضية للرئيس ذو الشخصية التي تبدو “نرجسية” إلى حد بعيد، في ضوء إرثه الخطابي، والذي دائما ما يدور حول إنجازاته، جنبا إلى جنب مع انتقاداته اللاذعة لخصومه، أم أنها ليست كافية، مع إصراره المنقطع النظير، على التأكيد على فكرة “التزوير”، في الوقت الذي يرى نفسه “أعظم” من دخل البيت الأبيض، وهو الأمر الذي يروج له مؤيدوه، والذين باتوا يخرجون بالملايين إلى الشوارع احتجاجا على فوز بايدن.
يبدو أن اختيار ترامب ليكون الشخصية “الأكثر إثارة للإعجاب” في أمريكا لعام 2020، محاولة لاسترضاء الرئيس المنتهية ولايته، قبل أيام من خروجه، لشراء “صمته” أو على الأقل لتخفيف حدة انتقاداته، التي يراها القطاع الأكبر من المتابعين بمثابة أحد أكبر التحديات أمام مستقبل أمريكا في العالم.