بقلم: آبي زيميت
الشرق اليوم- في «يوم مأساوي جديد»، وبشطحة قلم الرئيس ترامب عن «مذبحة العراق ماي لاي» عندما أصدر عفواً عن بلطجية بلاكووتر الأربعة الذين ارتكبوا مذبحة في هجوم لا طائل منه في عام 2007 بحق 17 مدنياً عراقياً أبرياء غير مسلحين في ساحة النسور المزدحمة ببغداد، كما جرحوا أكثر من 20 آخرين.
وبإطلاق سراح عدد من مجرمي الحرب الأمريكيين النادرين الذين تم تقديمهم بالفعل إلى العدالة، قام ترامب بإلغاء أكبر وأغلى تحقيق جنائي والذي وصفه البعض بالأكثر عناداً لمكتب التحقيقات الفيدرالي منذ الحادي عشر من سبتمبر والذي شهد أكثر من 70 شاهداً، من بينهم 30 من العراق. شهد هذا التحقيق معركة قانونية شاقة استمرت سبع سنوات، ما دفع الكثيرين إلى القول بأن أي شخص يطلق سراح هؤلاء المجرمين القتلة، هو بأي مقياس معقول، غير سوي. ومنذ فترة طويلة كتب المحلل القانوني والمدعي الفيدرالي السابق جلين كيرشنر: «لقد اعتبرت هذه المحاكمات واحدة من أكثر الإنجازات التي يفتخر بها مكتب المدعي العام للولايات المتحدة.. واليوم ترامب قتل العدالة».
كان مرتزقة بلاك ووتر الأربعة – بول سلاو، وإيفان ليبرتي، وداستن هيرد، ونيكولاس سلاتن – جزءاً من قافلة مدرعة أطلقت النار بشكل عشوائي من رشاشات وقاذفات قنابل يدوية وقناص، وكان معظم القتلى أو الجرحى في سياراتهم، أو يحاولون الفرار، ومن بينهم رجل أطلق عليه الرصاص بشكل متكرر بينما كان يرقد «في بركة دمائه». أطلق هؤلاء النار تحديداً في الرأس على طفلتين تبلغان من العمر 9 و 11 عاماً، وأم وطفلها، وشرطي، ومزارع يبلغ من العمر 70 عاماً وأب لسبعة أطفال، وطبيبة، وسائق تاكسي يبلغ من العمر 25 عاماً أصيب برصاصة في ظهره، وتوفي في ردهة المستشفى وهو يطلب الماء. وقال حسن جابر سلمان، المحامي الذي نجا من الهجوم مع نجله، خلال محاكمة 2014: «كل ما كان يتحرك تم إطلاق النار عليه». «النساء والأطفال والشباب لقد أطلقوا النار على الجميع».
وفي المحاكمة، شهد إريك برنس، الرئيس التنفيذي لشركة بلاك ووتر والمستفيد من هذه الحرب بعقد حكومي بقيمة مليار دولار، على أن حمقاه (السَّفّاحين المستأجَرين)، الذين عصوا الأوامر مرتين من أجل البقاء في المنطقة الخضراء، تعرضوا لكمين، وكل هذا الموت قد يكون «كرد فعل». وخلص تقرير للكونجرس إلى أن عناصر بلاكووتر هم الذين بادروا أولاً بإطلاق النار. وأدين الأربعة في جميع التهم ال 32 منهم: سلاتن، الذي بدأ بإطلاق النار، بارتكاب جريمة قتل من الدرجة الأولى وحكم عليه بالسجن المؤبد. وأدين الآخرون بالقتل الخطأ وحُكم عليهم بالسجن لمدة 20 عاماً من قبل القاضي الذي أعلن: «نحن نلقي المسؤولية على قواتنا المسلحة ومقاولينا جراء أفعالهم». وعلى الرغم من ادعاء البيت الأبيض أن هذه الخطوة حظيت بتأييد واسع، فقد أصيب العالم بالرعب من «التخريب العميق للعدالة»، لا سيما بالنظر إلى موجة الإعدامات الأخيرة، التي لن تؤدي إلا إلى تقويض الأمن القومي وسيادة القانون.
وهذا يؤكد القناعة العراقية المريرة بأن «دماءنا أرخص من الماء» بالنسبة لأمريكا. فكيف يتم الافراج عن هؤلاء المجرمين بعد أن قتلوا 17 شخصاً بريئا؟ «ويسأل أحد العراقيين الغاضبين، ويقول: على الرغم من أن بلده تعمه الفوضى والدمار فلم يسمح بمثل هذا الظلم، ويسأل: أين هو حديث أمريكا عن حقوق الإنسان؟ إنهم يفضلون الحيوانات على البشر».