بقلم: وليد خدوري – الشرق الأوسط
الشرق اليوم – يشكل عام 2020 حدثاً فريداً في الحياة المعاصرة، اقتصادياً واجتماعياً، فهو عام “كوفيد – 19″؛ حيث توفي أكثر من مليون ونصف مليون نسمة في مختلف أرجاء العالم بسبب فيروس جديد. وطال العالم سنة كاملة من الإغلاقات، والمنع من التعايش الاجتماعي ودوام العمل في المكاتب والسفر، ناهيك عن محاولة إيجاد لقاح للفيروس وسلالالته.
والتوقعات أنه سيتوجب على البشرية التعايش مع الفيروس بلقاحات مستمرة مستقبلاً لتفادي آثاره السلبية.
ترك الفيروس آثاره على طرق الاتصال والترفيه. فاستبدل الاتصال عبر “زووم” بضرورة دوام الطلاب في الصفوف المدرسية أو السفر للقاءات العائلية عند الأعياد والمناسبات، أو المشاركة في آلاف اللقاءات المهنية والندوات والمؤتمرات. كما استعمل نظام “فيس تايم” للاتصال المهني بدلاً من الدوام في المكاتب. ومن المتوقع استمرار بعض الممارسات الجديدة مستقبلاً نظراً لنجاحها.
وانخفض الطلب على النفط إلى مستوى قياسي معدله 9.8 مليون برميل يومياً، وخفضت مجموعة “أوبك+” إنتاجها 7.7 مليون برميل يومياً. وانخفضت الأسعار إلى مستويات دنيا في بداية الجائحة؛ حيث سجلت نحو 30 دولاراً للبرميل خلال الربع الثاني، مقارنة بنحو 70 – 80 دولاراً قبل الجائحة، ومن ثم تراوحت الأسعار في نطاق نحو 45 – 50 دولاراً في أواخر السنة إثر اكتشاف لقاحات للفيروس.
اعتبرت “كوفيد – 19” ظاهرة اقتصادية طويلة الأمد، ومن ثم يتوجب على الدول المصدرة للنفط أن تتعامل معها على هذا الأساس، ومنذ أوائل عام 2020، بالفعل بادرت بعض الدول المنتجة ذات الاقتصادات المستقرة بتبني السياسات اللازمة لتقليص الاعتماد الشامل على الريع النفطي.
يتوقع أن يبلغ متوسط معدل سعر النفط نحو 44 دولاراً للبرميل في عام 2021، مقارنة بمعدل وسطي 41 دولاراً لعام 2020، إذ يتوقع الانهماك خلال عام 2021 في التلقيح لمجابهة “كوفيد – 19” وسلالته، مع الاستمرار في ارتداء القناع الوجهي، وأن يعود السفر والسياحة بخجل وتدريجياً، بينما يتوقع عودة النشاط الاقتصادي العالمي إلى معدل ما قبل “كوفيد – 19” في عام 2022. ومن ثم، فإن العودة إلى معدلات الإنتاج السابقة ستنتظر إلى سنة 2022.
واجهت الدول النفطية تحديين مهمين خلال عام 2020: الأول، انخفاض الأسعار والطلب خلال السنة. والثاني، استمرار التحدي للصناعة النفطية بالتحول المتسرع نحو الطاقات البديلة. كما أن هناك تحديات أخرى أخذت تلعب دوراً مهماً في الطلب على النفط وأسعاره وإمداداته. فهناك أولاً الدور الاقتصادي المتنامي للصين، والنزاعات التجارية التي قلصت التبادل التجاري والاستثماري ما بين واشنطن وبكين، خلال فترة حكم الرئيس دونالد ترامب. والسؤال المطروح الآن هو: ما مدى قدرة الرئيس جو بايدن على تعديل هذه السياسة بين الدولتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم؟
والأمر الثاني، هو قدرة الرئيس جو بايدن على إجراء تغييرات جذرية في سياسة الاحتباس الحراري لبلاده، وإعادة الولايات المتحدة إلى “اتفاقية باريس للمناخ 2015”. لقد تبنى بايدن خطوات كبيرة في اتجاه التغيير من خلال تكرار التزاماته بالتغيير، وتعيين الشخصيات السياسية المهمة التي ستضطلع بهذه المهمة؛ لكن تنفيذ سياسة للحد من الاحتباس الحراري ستواجه معارضة داخلية في الولايات المتحدة، وتأخذ بحكم طبيعتها وقتاً طويلاً لإنجاحها.