بقلم: بينوي كامبمارك – الخليج
الشرق اليوم- يقال إن مراكز الفكر الأمني هي علق الصناعة. وارتباطها بمجالها المناسب، يجعلها تقوم بتجميع التقارير والتحاليل المفترض أنها مدروسة، ثاقبة ومفيدة. ويمكن للتقارير أن توصي بخطط عمل، بدءاً من زيادة القوات في حرب فاشلة، إلى زيادة الإنفاق الدفاعي لتعزيز القدرات الإلكترونية.
المفكرون في المعاهد، ومراكز الأبحاث يتمتعون بمكانة مرموقة لأنهم يكتشفون اللحظة المهمة وأفضل السبل التي ينبغي استغلالها في التاريخ.
وعند إجراء مثل هذا التمرين، يمكن أن تصبح الدقة هي الضحية المنطقية. فغالباً ما يعمل الباحثون في مراكز الفكر الأمني كمرتزقة عملياتيين. والممولون يريدون المشورة التي تقر وتؤكد الموقف؛ ويريد مركز الأبحاث الاستشاري تمويلًا مستمراً. ومثل هذه المباراة هي السم الزعاف بالنسبة للتقييمات المتضاربة. وبالتالي، فإن مركز الأبحاث يعمل في دوائر تذكرنا بدرجة أكبر بعلم التنجيم؛ حيث يرى أنماطاً لا تتواجد دائماً، ويثير إعجاب الممولين بوجود تهديد على نطاق لم يكن يعتقد من قبل أنه ممكن. وهذا يضمن المزيد من التمويل والمشاريع المستقبلية.
ويبدو أن “التهديد الصيني” يمثل إحدى هذه اللحظات للبعض. ومن الصعب أن يتم تتويج المحللين وإطلالتهم بإكليل بالثناء على اقتراحهم أن جمهورية الصين الشعبية، على الرغم من كونها جارة بغيضة وتتمتع بسجل فظيع في مجال حقوق الإنسان، فهي ليست التهديد الخارجي الذي تم تصوره. فالصين ليست عدواً لأستراليا، على الرغم من الجهود المبذولة لرسمها على هذا النحو.
ويعتبر المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية مركز أبحاث أساسي مكلف بمهمة تضخيم التهديد الصيني. وكتب هيو وايت، نائب وزير الدفاع السابق والمدير الافتتاحي للمعهد، بمناسبة الذكرى السنوية الخامسة عشرة لتأسيسه أن “الغرض الأساسي منه لم يكن المساهمة في النقاش العام حول سياسة الدفاع، ولكن توفير مصدر بديل للأفكار السياسية للحكومة”. ولكن الأمور تغيرت وانخفضت جودة السياسة الدفاعية والطلب من المسؤولين الحكوميين الحصول على مشورة مستقلة حقاً قد “تبخر إلى حد كبير”. لقد انضم المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية إلى منتدى النقاش العام بدلاً من البقاء في مجال “صنع السياسات الجيدة”.
ولقد أصبح وايت، من جانبه، مهرطقاً، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تشترك في السلطة مع الصين في “التناغم الآسيوي” الذي يضم اليابان والهند.
وغالباً ما تكون مؤسسات الفكر والرأي التي تتباهى بأنها مستقلة وغير حزبية غير ذلك. لكن المعهد الأسترالي للسياسة الاستراتيجية يفعل ذلك بطريقة صاخبة ويصّر على كونه “مستقلاً في محتوى بحثه وفي جميع الأحكام التحريرية ويستخدم عملية مراجعة دقيقة داخلية وخارجية”. وربما سيكون من المفيد الحصول على صورة أكثر تفصيلاً عن المكان الذي يتلقى منه المركز التمويل. وتأتي النسب المئوية الحالية للإيرادات بنسبة 35% من وزارة الدفاع و 32% من الوكالات الحكومية الفيدرالية. وثمة رقم مثير للاهتمام، لا يتم الحديث عنه كثيراً، هو التمويل بنسبة 17% من “الوكالات الحكومية الخارجية”. وتسهم الصناعات الدفاعية بنسبة 3% والقطاع الخاص بنسبة 11%.
ومثل هذه الأرقام غامضة بشكل لافت للنظر، ولا يرغب المركز في الكشف عن المزيد. وكما يشير ماركوس روبنشتاين في مايكل ويست ميديا : “كان تمويله الرئيسي منحة سنوية من وزارة الدفاع، لكن على مدار العقد الماضي طور المزيد والمزيد من تدفقات الإيرادات ولا يوجد التزام بالكشف بالضبط عمن يدفعه له ولماذا”.
جون مينادو، أحد المعلقين السياسيين والموظفين العموميين الأكثر خبرة في أستراليا، أشار إلى أنه تم تمييز المركز كعامل نفوذ بارز ومتأثر بسياسة الولايات المتحدة. ووفقاً لمينادو، فإن هذا التأثير هو جزء من الاستيلاء على السياسة الخارجية الأسترالية (أو ما تبقى منها).