بقلم: محمد آل الشيخ – صحيفة “الجزيرة”
الشرق اليوم – لولا موقف الرئيس ترامب لكانت إيران قاب قوسين أو أدنى من امتلاك السلاح النووي، وتكون المنطقة بالتالي تحت تهديد نووي حقيقي لدولة أيديولوجية، همها الأول أن تتمدد في المنطقة، وتهدد دول الجوار العربية الواحدة تلو الأخرى.
الرئيس ترامب أعاق الإيرانيين بضرب اقتصادهم، ضربات مؤثرة، وعميقة، لكنه لم يستطع إسقاط هذا النظام الشيطاني الخبيث. الآن الرئيس بايدن قال إنه سيعيد تفعيل اتفاقية أوباما المعيبة مع إيران، مع بعض التعديلات، لكنه لن يستطع مهما كانت الضوابط الإجرائية منعها من امتلاك السلاح النووي. كوريا الشمالية -مثلاً- رغم أنها أقل ثراء من إيران استطاعت -رغم أنف أمريكا والأوروبيين- أن تصبح دولة نووية، تهدد أول من تهدد، وعلى رؤوس الأشهاد، الولايات المتحدة الأمريكية. وإيران شاء الأمريكيون أم أبوا سيسلكون المسلك نفسه، وأجزم أنهم سيصلون إلى النتيجة المخيفة نفسها.
وكان سمو الأمير محمد بن سلمان، قد صرح لإحدى قنوات الأخبار الأمريكية بأننا لا نسعى إلى امتلاك القنبلة الذرية، لكن في حالة امتلاك إيران هذا النوع من السلاح فسنعمل على الفور بامتلاك هذا السلاح أيضًا.
وسموه محق بذلك، فلا بد من مواجهة الرعب بالرعب؛ فباكستان -مثلاً- لم تضمن أمنها القومي أمام عدوها التقليدي الهند إلا عندما امتلكت السلاح النووي، الذي من شأنه أن يردع عدوها الهند من التفوق عليها تفوقًا نوعيًّا. هذا رغم أن الهند دولة ديمقراطية مسؤولة، وليست دولة كهنوتية دينية، قادمة من أعماق التاريخ، مثل ولاية الولي الفقيه. فهذه الدولة -كما هو معروف- ليست في وارد تنمية الفرد الإيراني، والعمل على رفاهيته وتطوره، بل هي لا تحفل بالإنسان قدر اهتمامها بالسيطرة على دول الجوار، وفرض التشيع بنسخته المتمثلة بمرجعية الولي الفقيه المطلقة في اتخاذ قراراتها. ولا يبدو أن ثمة حركة ثورية إيرانية ذات بال من شأنها إسقاط هذا النظام الكهنوتي الخبيث؛ فإيران كانت طوال أربعة عقود -ولا تزال- يحكمها الملالي بقبضة من فولاذ، وكل جهودها منصرفة لتنفيذ أجندتها السياسية المتمثلة بتصدير الثورة، كما أوصى مؤسسها الخميني. ولا أرى أن الدول العظمى يهمها أن لا تمتلك إيران هذا السلاح، وإلا فبإمكانهم العمل على إسقاط هذا النظام السرطاني الخبيث لو أرادوا.
وأنا من حيث المبدأ داعية سلام، وأكره التنافس النووي، لكن الواقع الذي تعيشه منطقتنا يفرض علينا أن نعمل نحن أيضًا على امتلاك النووي متى اضطررنا إلى ذلك؛ لنواجه الخطر النووي الإيراني، ولسان حالنا يقول كما قال الشاعر:
إذا لم يكن غير الأسنة مركبًا .. فما حيلة المضطر إلا ركوبها