افتتاحية صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – فيما كان العالم يتفاءل خيراً بأن اللقاحات الجديدة قد تضع حداً لكابوس كورونا المستجد، وبأن الوباء القاتل قيد المحاصرة، ليعود الناس كما كانوا يستمتعون بحياتهم، ويخرجون من جحيم العزلة والحصار، ويتخلصون من رعب الفيروس الذي يترصدهم، بعدما قضى على مئات الآلاف وأصاب الملايين، وضرب الاقتصاد والتجارة والحياة الاجتماعية، إذا بسلالة جديدة من هذا الفيروس تطل برأسها من بريطانيا، وتصيب عدة آلاف في أيام قليلة، وتؤدي إلى عزل الجزيرة، بعدما قررت معظم دول العالم، خصوصاً الدول الأوروبية القريبة وقف الرحلات الجوية إليها، وتعطيل حركة القطارات، في خطوة احترازية لمنع انتشار هذه السلالة الجديدة التي لم تعرف خصائصها ومدى انتشارها.
وما أثار حالة من الخوف إعلان وزير الصحة البريطاني، مات هانوك، “خروج السلالة الجديدة عن السيطرة”، ما اضطر رئيس الوزراء بوريس جونسون، إلى فرض سلسلة من القيود على الحركة في مدينة لندن وغيرها من المناطق، لأن الفيروس الجديد “سريع الحركة، وقابل للانتقال بنسبة 70 بالمئة أكثر من السلالات الحالية” كما قال.
ومع ذلك فإن الأطباء والعلماء الذين يتابعون هذه السلالة الجديدة من الفيروس يؤكدون عدم وجود دليل يشير إلى أنها أشد فتكاً أو تسبب مرضاً أكثر خطورة، أو أن اللقاحات ستكون أقل فعالية ضدها.
حالة القلق والخوف استشرت بسرعة في بريطانيا وبقية دول العالم، بانتظار المعلومات المؤكدة حول مخاطر السلالة الجديدة، لكنّ دولاً أخرى غير بريطانيا، اتخذت إجراءات احترازية إضافية لمواجهة الاحتمالات كافة. ولعل بريطانيا كانت الأكثر خوفاً لأن السلالة الجديدة اكتشفت على أراضيها، وقد عكست تصريحات المسؤولين ومعظم الصحف هذه الحالة، إذ كان عنوان صحيفة “ذا ميل”: “ألا من نهاية لهذا الكابوس؟”، فيما حملت عناوين الصحف الأخرى الحسرة والأسف على إلغاء احتفالات عيدي الميلاد ورأس السنة. منظمة الصحة العالمية يبدو أنها فوجئت بظهور السلالة الجديدة، وقالت إنها على اتصال وثيق مع المسؤولين البريطانيين .. وستقوم بإبلاغ الدول الأعضاء والجمهور بمجرد معرفة المزيد حول خصائص هذه السلالة والآثار المترتبة عليها، فيما يشير كبير أطباء بريطانيا كريس ويتني إلى أنه يجري العمل بشكل عاجل للتأكد من أنها لا تسبب معدلات وفيات أعلى.
إن تتحول بريطانيا إلى جزيرة معزولة تماماً عن العالم الخارجي، في سابقة غير مألوفة حتى خلال الحروب، فهذا يعني أن خطر السلالة الجديدة من فيروس كورونا قائم، وأن الإجراءات الصارمة التي اتخذت داخل بريطانيا، وفي الدول الأخرى، تعني أن العالم بات أكثر وعياً وحرصاً على مواجهة هذا الفيروس، حتى لا يقع فريسة له ويواجه المزيد من المصائب والكوارث، فيما هو لا يزال يصارع للتغلب على السلالة المعروفة من كورونا.