BY: Jason Bartlett
الشرق اليوم- بدأت إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا، وهي من أكثر الدول الخاضعة للعقوبات في العالم، تقوّي شراكاتها الاستراتيجية في حين تتابع العقوبات الأميركية خنق اقتصاداتها، ففي السنوات الأخيرة، حاول هذا التحالف الناشئ تعزيز التعاون العسكري والاستخباري والاقتصادي عبر التهرّب من العقوبات الأميركية.
قد تصبح هذه الدول في نهاية المطاف أكثر براعة في التحايل على العقوبات وتوسيع قدراتها العسكرية بدرجة تطرح تهديداً على الأمن القومي الأميركي، كذلك، قد تنعكس التداعيات الإنسانية التي تُسببها العقوبات سلباً على سمعة الولايات المتحدة، فتُرسّخ الخطاب المعادي للأميركيين وتزيد شرعية الأنظمة بنظر شعوبها، وأمام هذا الوضع يجب أن يفكر صانعو السياسة الأميركية بالخطوات التي تسمح بتعديل طريقة تنفيذ العقوبات لإضعاف التحالف العدائي القائم ضد الولايات المتحدة وكبح قدراته المتزايدة على إيذاء المصالح الأمنية الأميركية وتهديد حلفاء البلد.
في حين تتابع الحكومة الأميركية فرض عقوبات اقتصادية صارمة وتدعو إلى تغيير الأنظمة العدائية، عمدت فنزويلا إلى تقوية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وكوريا الشمالية، وفي وقتٍ سابق من هذه السنة، تحدّت إيران حملة “الضغوط القصوى” التي أطلقتها إدارة ترامب عبر إرسال أسطول من ناقلات النفط إلى فنزويلا، وهي خطوة تتعارض بكل وضوح مع العقوبات الأميركية، كذلك، تتابع إيران الاستفادة من صفة المراقب التي تحملها داخل “التحالف البوليفاري للأميركيتَين” لتقوية علاقاتها التجارية مع فنزويلا وانتهاك العقوبات الأميركية الاقتصادية.
على صعيد آخر، فتحت إيران حديثاً أول سوبرماركت لها في كاراكاس، حيث تُمهّد هذه الاستثمارات التجارية الثنائية لجهود مشتركة مستقبلية للتهرب من العقوبات الأميركية وتقوية الشراكات الاستراتيجية القادرة على تهديد الأمن القومي الأميركي.
من ناحية أخرى، قد لا تتمكن كوريا الشمالية من استبدال الدور النقدي الذي تؤديه الصين لدعم فنزويلا بسبب ضعفها الاقتصادي، لكنها قد تقدم لها تقنيات عسكرية متقدمة ومعارف مؤسسية يحتاج إليها البلد لاستغلال العقوبات الأميركية وجعلها في مصلحته، ففي مارس 2020، حذر خبراء في الأمم المتحدة من احتمال أن يكون السياسي ديوسدادو كابيلو الموالي لمادورو قد عقد صفقة عسكرية وتكنولوجية غير قانونية مع كوريا الشمالية خلال زيارته لبيونغ يانغ في سبتمبر 2019، وبعد مرور شهر، فتحت فنزويلا أول سفارة لها في بيونغ يانغ وهنأت كابيلو على إبرام “اتفاقيات ضخمة” مع كوريا الشمالية في مجالات الزراعة والتكنولوجيا والتمويل، كذلك، التزم وزير الخارجية الكوري الشمالي بتقديم مساعدات شاملة وبدعم حكومة فنزويلا، وقبل 2019، أجرت كاراكاس مراسلات دبلوماسية مع بيونغ يانغ عبر سفارتها في بكين، لذا يشير قرار نيكولاس مادورو بإطلاق تواصل دبلوماسي مباشر مع كوريا الشمالية عبر سفارته الخاصة هناك إلى وضع هذه العلاقة الثنائية على رأس الأولويات مجدداً واحتمال تشكيل جبهة ضد الولايات المتحدة.
لا تزال تفاصيل تلك الصفقة مجهولة، لكن تكشف نزعة كوريا الشمالية تاريخياً بتزويد الأنظمة الاستبدادية في إيران وسورية بالأسلحة النووية والبالستية والكيماوية أن فنزويلا قد تصبح جزءاً من عملائها مستقبلاً. ستحصل إدارة بايدن المرتقبة على فرصة تفكيك هذا التهديد الناشئ قريباً عبر إعادة بناء المهارات الاقتصادية الأميركية. بقي كيم جونغ أون هادئاً بطريقة غير مسبوقة بعد صدور نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، في حين عبّر مادورو عن اهتمامه باستئناف الحوار مع الرئيس المُنتخب جو بايدن.
تستطيع إدارة بايدن أن تستعمل الإعانات الغذائية لتحسين علاقاتها مع البلدين من دون أن تمنح الشرعية لأنظمتهما الدكتاتورية عبر تنظيم قمم ثنائية وعقد التزامات بين رؤساء الدول، كذلك قد يسهم تخفيف العقوبات وتقديم الإعانات الغذائية بسبب تفشي فيروس كورونا في إخماد المشاكل الصحية التي ترتبط بهذا الوباء وكانت كفيلة بزعزعة استقرار كوريا الشمالية وفنزويلا وإيران.
قد تسمح هذه الخطوة في نهاية المطاف بتخفيف اتكال هذه الدول على الصين وروسيا للصمود اقتصادياً في زمن الوباء، لذلك يجب ألا تسعى إدارة بايدن إلى إنعاش اقتصادات خصوم الولايات المتحدة، لكن يُفترض أن تدرك في المقابل أن متابعة حملة الضغوط القصوى قد تزيد معاناة الناس العاديين وتقوي الترابط الاقتصادي مع قوى رجعية مثل الصين وروسيا.