بقلم: حسن العطار – صحيفة إيلاف
الشرق اليوم– اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 31 أكتوبر 2003م، اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وطلبت الى الأمين العام ان يكلف مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بتولي مهام أمانة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية. واختارت الجمعية العامة يوم 9 ديسمبر كيوم دولي لمكافحة الفساد، من اجل إذكاء الوعي عن مشكلة الفساد وعن دور الاتفاقية في مكافحته ومنعه. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في الأول من ديسمبر 2005م. (ويكيبيديا – الموسوعة الحرة).
تحتفل منظمة الأمم المتحدة في التاسع من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي لمكافحة الفساد، وفي هذا العام قال الأمين العام للمنظمة الدولية “أنطونيو غوتيريش”: إن ضرر الفساد يكون أشد جسامة في أوقات الأزمات، كما في الوقت الحالي الذي يكابد فيه العالم جائحة كوفيد-19. وأكد أن التعامل مع هذا الفيروس يخلق فرصا جديدة لاستغلال ضعف الرقابة وعدم كفاية الشفافية، حيث يتم تسريب الأموال بعيدا عن الناس في أوقات هم فيها أحوج ما يكونون إلى تلك الأموال، وحث كل الدول وكل القادة على مزيد من الشفافية.
إن الفساد فعل إجرامي لا أخلاقي وخيانة للأمانة المستودعة من الشعب، وضرره يكون أشد جسامة في أوقات الأزمات، كما في الوقت الحالي الذي يكابد فيه العالم جائحة كوفيد-19. والتعامل مع هذا الفيروس يخلق فرصا جديدة لاستغلال ضعف الرقابة وعدم كفاية الشفافية، حيث يتم تسريب الأموال بعيدا عن الناس في أوقات هم فيها أحوج ما يكونون إلى تلك الأموال.
لقد اتخذت الدول في جميع أنحاء العالم تدابير مهمة للتصدي لحالة الطوارئ الصحية ولتجنب الانهيار الاقتصادي العالمي، فحشدت على عجل أموالا بالمليارات لشراء المعدات الطبية وبناء شبكة أمان اقتصادية للمواطنين والشركات المنكوبة. غير أن الاستجابات العاجلة المطلوبة دفعت بعض الدول إلى التساهل التجاري والرقابة والمساءلة لتحقيق تأثير سريع وفعال، وهو ما أدى بالتالي إلى وجود فرص كبيرة للفساد.
وتشير مؤسسة الشفافية العالمية الى ان الفساد ينتشر في الدول بشكل متفاوت، إلا ان الفساد مستشري بشكل قوي في اكثر من 50 في المائة من دول العالم. ويلاحظ ان اكثر الدول فسادا في العالم هي تلك الدول التي يتدنى فيها مستوى الحريات العامة، وحرية الصحافة، وحرية الكلمة بشكل عام، حيث هناك تحفظ على التقارير الصحافية، لدرجة ان يتم معاقبة الصحافيين الذين يتطرقون لمثل هذه القضايا، واحيانا تكلفهم ارواحهم إن تصدوا لها لإسكاتهم وثنيهم عن فضح الفساد والمفسدين.
يشارك صندوق النقد الدولي بكثافة في مكافحة الفساد المالي، حتى إنه اعتمد عام 2018م إطارا لتعزيز مشاركته في القضايا المتعلقة بالحوكمة، حيث تُحلل الفِرَق القُطرية المختصة في الصندوق قضايا الحوكمة والفساد، وتقدم توصيات محددة لتعزيز الحوكمة الرشيدة ومعالجة مواطن التعرض للفساد. كما تتضمن برامج الإقراض شروطا تتعلق بالحوكمة، فضلا عن قيام خبراء الصندوق بإجراء دراسات تشخيصية مفصلة لتحديد الإصلاحات التي تعزز الحوكمة في مجالات بعينها. ولا يبخل الصندوق بتقديم مساعدات فنية وأنشطة تدريبية مكثفة في مجالات حوكمة المالية العامة، والرقابة على القطاع المالي، وحوكمة البنوك المركزية، وإجراءات مكافحة غسل الأموال، وأطر مكافحة الفساد. كما يرتب الصندوق مجموعة من أنشطة التواصل المتنوعة لتشجيع التعاون لهذا الغرض مع المؤسسات الدولية والمجتمع الأكاديمي ومنظمات المجتمع المدني.
ويلاحظ انتشار الفساد في دول العالم العربي والإسلامي بشكل غير عادي، مقارنة بكثير من دول العالم المتقدم والدول التي في طور التقدم الاقتصادي. ولم يلحظ تقدما ملحوظا في مكافحة الفساد او تشكيل هيئات خاصة بذلك، إضافة الى ان الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، والحروب التي تشملها لم تكن لتساعد على قيام هذه الإجراءات التي يمكن ان يكون لها اثر فعال لوضع حد للفساد، او التخفيف منه او محاسبة الفاسدين قضائيا على هذه الجرائم التي بدأت تؤثر سلبا على مجتمعاتها اقتصاديا وماليا.
يتطلب الحد من مخاطر الفساد وسوء الإدارة في هذا الوقت على وجه الخصوص حيث تعاني دول العالم كافة من (جائحة كوفيد-19) مشاركة هيئات قوية لمكافحة الفساد، واشراف افضل على حزم الدعم المقدمة في حالات الطوارئ، وإدارة المشتريات العامة بصورة اكثر انفتاحا وشفافية، وتعزيز امتثال القطاع الخاص بمعايير مكافحة الفساد. وفضلا عن ذلك، تحتاج البلدان العربية والإسلامية كذلك الى ضمان دعم وحماية المبلغين عن الفساد والصحفيين الذين يكشفونه في اثناء الجائحة، والتأكد أن “خطة مكافحة الفساد الوطنية” متماشية مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
آخر الكلام: يوجد الفساد في كل انحاء العالم، لكنه ينتشر في العادة في البلدان ذات المؤسسات الضعيفة التي تعاني من أوضاع الهشاشة والصراع الداخلي. ولا يمكن مكافحته والقضاء عليه إلا بفرض قيم بذاتها: سيادة القانون، والمسائلة والمحاسبة، وحرية الرأي والتعبير وتداول المعلومات، والشفافية والحوكمة الرشيدة.