بقلم: د. محمد مبارك – أخبار الخليج البحرينية
الشرق اليوم- مملكة البحرين تتمنى دائما لمنظومة مجلس التعاون أن تكون قوية ومترابطة، وأن تعمل لمصلحة جميع دول هذه المنظومة بما يحفظ أمنها واستقرارها وحقوقها. وقد كانت المواقف البحرينية دائمًا تتسم تجاه المجلس بما يضع ديمومته واستمراريته قبل كل شيء، والتاريخ يشهد على ذلك.
ورغم ما آل إليه الوضع الآن في مجلس التعاون بسبب تصرفات النظام في قطر، الذي لم يترك دولة من دول الخليج العربي إلا وتعرض لها بالأذى، بما أدى في النهاية إلى مقاطعة تجاه النظام في قطر انضمت إليها جمهورية مصر العربية، فإن البحرين وشقيقاتها يبقون حريصين على عودة المياه إلى مجاريها، وبالشكل الذي يضمن عدم تكرار الظروف والمعطيات التي قد تؤدي مجدداً إلى عودة المقاطعة إذا ما تمت «المصالحة» التي يلوح في الأفق حديث عنها. ولذلك فإن اتفاق الرياض الموقع في 23 نوفمبر 2013، واتفاق الرياض التكميلي الموقع في 16 نوفمبر 2014، تضمنا بنوداً واضحة مثلت التزامات قاطعة على جميع الدول الموقعة على الاتفاقين وآليات التنفيذ. وهذان الاتفاقان هما الضمانة التي تؤكد أن الأطراف جميعها تريد الوصول إلى حل مع سلوك النظام القطري من خلال الالتزام بالتوقيع على بنود مكتوبة يلتزم الجميع بها، بمعنى أن تلتزم بها جميع دول الخليج الموقعة بما فيها النظام القطري الذي كان سبباً في حدوث الأزمات تلو الأزمات معه فيما يخص العلاقات الخليجية، والذي رغم توقيعه استمر في عدم الالتزام بأي شيء مما وقع عليه.
ونظراً لأننا نقترب من انعقاد قمة مجلس التعاون السنوية، فإنه من المهم أن يلتفت وزراء خارجية دول مجلس التعاون الذين سيجتمعون للتحضير لاجتماع القادة ووضع جدول الأعمال، إلى أن «المصالحة» مع النظام في قطر ينبغي أن تتخذ بشكل قاطع من اتفاقي الرياض- اتفاق عام 2013 والاتفاق التكميلي عام 2014- منطلقاً ومرتكزاً أساسياً، نظراً لكون هذان الاتفاقان ملزمين تماماً، ويشكلان ضمانة الحل، والموقعون عليهما هم قادة دول المجلس، أي أن درجة الالتزام فيهما هي أعلى الدرجات.
سوف يحاول النظام في قطر التملص من هذه الاتفاقات التي قام بالتوقيع عليها، وربما يسعى إلى استبدال هذه الاتفاقات ببيانات إنشائية غير ملزمة تصدر في ختام القمة، حتى يعتبر ذلك إلغاءً للاتفاقات الملزمة، ثم يخرج من القمة الخليجية ليواصل اعتداءاته على دول المجلس، وربما ينطلق في سلسلة إجراءات قانونية وقضائية يذرف من خلالها دموع التماسيح ويطالب بتعويضات عما لحق به من «ضرر» و«خسائر» بسبب المقاطعة.
كل هذه الأمور من السهل التنبؤ بها، وخصوصاً أن تجربة البحرين مع النظام في قطر طويلة ومريرة، وهي في نفس الوقت كفيلة بأن تجعلنا نفهم ما يريد أن يصل إليه النظام في قطر من حديث عن «مصالحة» هي في نظره ليست سوى فرصة للهروب من التزاماته التي وقع عليها، وهذا ما نريد من وزراء خارجية «التعاون» أن يضعوه في الحسبان خلال اجتماعهم التحضيري القادم.