بقلم: رامي خليفة العلي – عكاظ
الشرق اليوم- أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في بيان لوزارة خارجيتها عن فرض عقوبات على تركيا بالاستناد إلى قانون مكافحة خصوم أمريكا، هذه العقوبات جاءت ردا على استيراد أنقرة منظومة صواريخ إس ـ400 وتشمل العقوبات حظرا على جميع تراخيص وتصاريح التصدير الأمريكية إلى إدارة الصناعات الدفاعية التركية وتجميد الأصول وقيود التأشيرة على الدكتور إسماعيل دمير، رئيس الإدارة، وضباط آخرين. وهذه العقوبات جاءت بعيد سويعات قليلة من فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على الجانب التركي بسبب سياسة أردوغان في شرق المتوسط وتتألف تلك العقوبات الأوروبية من حظر السفر إلى الاتحاد الأوروبي وتجميد أصول الأشخاص وتجميد أصول الكيانات المرتبطة بالتنقيب في شرق المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، سيتم منع الأشخاص والكيانات في الاتحاد الأوروبي من إتاحة الأموال لأولئك المدرجين. هذا التناغم بين ضفتي الأطلسي في التعامل مع الجانب التركي تشير إلى أن سياسة أردوغان في اللعب على التناقضات بين الأطراف الدولية قد وصلت إلى طريق مسدود. ويحق للمواطن التركي قبل المراقبين والمحللين أن يسأل حكومته ما هي نتائج تلك السياسة الخارجية التركية خلال السنوات الخمس الماضية وخصوصا منذ أن استفرد أردوغان في صياغتها. النتائج بكل تأكيد لا تبدو مشجعة وهي تنتقل من سيئ إلى أسوأ. الرئيس التركي يتقن بكل تأكيد الدخول في منازعات ومشادات وتوترات إذا لم يكن مع أمريكا فمع أوروبا وإن لم يكن معهما فمع الجوار الإقليمي وخصوصا الدول العربية، ولكن هذه التوترات لم تجلب على تركيا سوى تحولها طرفا في كثير من النزاعات الإقليمية وحتى الحروب الأهلية. أما حرص الرئيس التركي على مصالح بلاده وسياسته البراجماتية كما يصور بعض القارئين لسياسته فهي مجرد أسطورة يمكن ضمها إلى الغول والعنقاء والخل الوفي. إذا كان من الممكن أن نتفهم بصعوبة بالغة التدخل التركي في الصراع السوري باعتبار أن هنالك حدودا ممتدة بين تركيا وسوريا ولكن هذا التفهم يتلاشى أو يكاد عندما نشاهد التدخل العسكري التركي في ليبيا أو الصومال أو حتى الخليج العربي. ولو أن أسطورة المصالح بالمعنى المشار إليه في سياسة أردوغان سادت في العلاقات الدولية لسادت الصراعات بين جميع الدول.
يدرك الجميع أن العقوبات الأمريكية وكذلك الأوروبية على أنقرة ليست مؤثرة بشكل كبير ولكنها رسالة بأن السياسة التركية تنزلق إلى مآل لا يحمد عقباه وسوف يكون تأثيره كبيرا على المواطن التركي قبل أي طرف آخر. هناك عدم كفاءة أو جدارة في صياغة السياسة الخارجية التركية، إذا استمرت سوف تجر على هذه البلاد عواقب وخيمة، لذلك يبدو تغير بعض ملامح الخطاب التركي مؤخرا إشارة جيدة ولكنها بكل تأكيد غير كافية وهي بحاجة إلى تغيير جذري ينعكس على كافة الملفات، وهذا ما أشار إليه وزير الخارجية الفرنسي عندما قال إن بلاده تنتظر أفعالا وليس أقوالا. إذا ما اجترحت تركيا ذلك التغيير الجذري فإنها سوف تجد كثيرا من الأبواب مشرعة أمامها، ولكن واستنادا إلى تجربة العقدين الماضيين فإننا نشك أن الإدارة الحالية تمتلك القدرة فضلا عن الرغبة.