الرئيسية / مقالات رأي / إيران.. “الداخل مفقود”

إيران.. “الداخل مفقود”

بقلم: صالح القلاب – صحيفة إيلاف

الشرق اليوم- كل ما قيل عن عنف وإستبداد وإعدامات بدون محاكمات إن في عهد الشاه الكبير رضا بهلوي وإن في عهد نجله محمد رضا بهلويوأيضاً إنْ في عهد الصفويين البعيد جداًّ لا يمكن أنْ يقارن بدموية مرحلة روح الله الخميني والإستبداد الذي تم في هذه المرحلة وأيضاً في مرحلة علي خامنئي الذي قبل أنْ يأخذ مكان من سبقه كان يوصف، حتى من قبل الشيوعيين أعضاء حزب “توده” وحتى من قبل التشكيلات التي كانت تقول أنها كانت مضطهدة في العهد “الشاهنشاهي” وأن قادتها كانوا نزلاء دائمين في سجن “إيفين” الشهير الذي عندما اصطحبني أحد الشبان الذين كانوا “يراهنون” على الثورة الخمينية للاطلاع على قسوته وعلى زنازينه المرعبة قال لي انه سيجري تحويله إلى جامعة راقية وإنّ غرفه الضيقة ستصبح بعد هدمها وإعادة بنائها غرفاً للعلم والتعليم وعلى أرقى المستويات!

وحقيقة أن رهان القوى السياسية والحزبية على هذه الثورة : “الثورة الخمينية” قد لامس غيوم السماء ، كما يقال، في تلك المرحلة المبكرة وأن الوحيدين الذين لم يرتاحوا اليها ولم يراهنوا عليها بالاضافة إلى بعض كبار المعممين هم الأكراد ، أكراد كرمنشاه ، الذين كانوا قد ثاروا لاحقاً وحيث أخمدت ثورتهم بالقوة والحديد والنار على غرار ما جرى لاحقاً في العديد من مناطق “الأقليات” القومية والمذهبية ومن بينها عربستان التي كان أهلها العرب يراهنون على أن مرحلة “الخمينيين” ستكون أفضل بألف مرة من المرحلة الشاهنشاهية .

وهنا فإن ما لمسته في تلك الفترة المبكرة هو أن بعض رموز قادت منظمة “مجاهدي خلق” بقيادة مسعود رجوي،الذي حلت محله لاحقاً زوجته مريم رجوي ، ما كانوا مرتاحين لا لـ”الخميني” ولا لثورته وكانوا يحضّرون أنفسهم ، كما قال لي بعضهم ، للمواجهة مع المرحلة “الخمينية” والمعروف أن هذا هو ما حصل لاحقاً وهو لا يزال يحصل حتى الآن وحتى بعدما حلّ خامنئي محل الـ”خميني” بعد وفاته الذي كان ، أي خامنئي ، يوصف بأنه أفضل المعممين وأنه كان “منفتحاً” على التنظيمات العلمانية لكن وللأسف قد تغير بعدما حل محل من سبقه أي “الخميني” وأصبح يصدر قرارات الإعدام بدون أن يرف له جفن.

والمهم أن هذه “الثورة” التي مرّ عليها حتى الآن أربعون عاما وأكثر قد حولت إيران التي كان أهلها ، ومن كل المنابت والأصول ، يحلمون في البدايات أنهم سينعمون بـ”الديموقراطية” وبدولة حضارية لا سجون فيها إلا للقتلة والمجرمين ولا تفرق بين الأكثرية ” الفارسية” والأقليات القومية التي من بينها العرب والبلوش وبالطبع والأكراد والأتراك والآذريون.. وغيرهم ، وكانت النتيجة ان ما كانت تحلم به هذه “الأقليات القومية” قد تحول إلى كوابيس مرعبة.

و”المحزن” للإيرانيين ، و”الفرس” في مقدمتهم ، إن هذا البلد العظيم الذي كان أحتل مكانة مرموقة في التاريخ البعيد وأيضا في التاريخ القريب قد تحول إلى ما هو عليه الآن أي :”الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود”..وإلّا ما معنى كل هذا الذي يجري وحيث أنه أصبح في هذا البلد الذي من المفترض أنه يتكىء على حضارةً تليدة بالفعل ستة عشرة جهازاً استخبارياً وأنه إلى جانب وزارة الثقافة الوهمية قد أصبح هناك وزارة إستخبارات وأمن وأصبح هناك مجلس أمن وهيئة إستخبارية على رأسها وزير استخبارات وهكذا فإن الداخل إلى هذا البلد العظيم ، الذي كان إحتل مكانة حضارية متقدمة في التاريخ البعيد والقريب أيضا ، أصبح مفقوداً وأن الخارج منه بات يعتبر مولوداً!!.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …