بقلم: صالح القلاب – صحيفة إيلاف
الشرق اليوم- لإنّ إيران رفعت قبضتها عاليا ولأنّ “المرشد” علي خامنئي تخلى عن طيبته وتسامحه، الذي يعتبره البعض مفتعلاً وأنا لا أعتقد ذلك، فإنّ رجب طيب أردوغان، الخليفة العثماني الذي جاء متأخراً جداً، قد رد على القبضة الإيرانية المرفوعة وقال بصوت مرتفع تنصلاً من ” القصيدة” التي كان قالها عن “الأذاريين” إن تركيا الأردوغانية تحترم كامل سيادة إيران الوطنية وسلامة الأراضي الإيرانية وهذا يعني أنّ هذا “الجندرمة ” التركي لا يفهم إلا لغة القوة وبخاصة إذا كان “الخصم” جاداً وإذا كان “المعنيِّ” “إذا قال فعل”!
ولذلك فإنه ما كان من الممكن أن يتمادى هذا “الجندرمة” العثماني في تحديه للدول المجاورة القريبة والبعيدة وأن يعتبر شرقي البحر الأبيض المتوسط بحيرة عثمانية وعلى غرار ما كانت عليه الأوضاع قبل مائة عام وأكثر ويعتبر أيضاً أن الجزء الليبي من إفريقيا مجالاً حيوياًّ لـ “العثمانيين” وذلك مع أنّ الذي “كفن” هذه الإمبراطورية ودفنها في قبر عميق هو مصطفى كمال (أتاتورك) الذي من الواضح أنّ هذا الرئيس التركي أراد مما يقوم به ألاّ يبقي على أيّ أثر من الدولة العثمانية التي كان أقامها!
والمعروف هنا أنّ هذه الدولة الأذارية التي رئيسها إلهام علييف وعاصمتها “باكو” كانت وحتى وقت قريب في حركة الزمن جزءاً من الإتحاد السوفياتي وأنّ هناك جزءاً من الوطن الاذاري التاريخي بات ملحقاً أولاً بإيران “البهلوية” ثم بإيران الخمينية بعد ثورة عام 1979 وأن ما أغضب طهران من شطر في قصيدة قديمة ردده أردوغان دون أن يعرف معناه ولم يقدر أبعاده قد أغضب مرشد الثورة الإيرانية علي خامنئي الذي يقال أنّ أصوله عربية وأن “هويته” القومية أذارية وأغضب وزير خارجيته محمد جواد ظريف الذي برده على “الإمبراطور” التركي والعثماني لم يكن ظريفاً ولا هُمْ يحزنون كما يقال!
وبالطبع وحسب ما قيل وما يقال فإنّ أردوغان قد ردد بيت شعر من قصيدة أذارية قديمة دون أنْ يعرف لا معناه ولا معنى حتى كلمة واحدة منه وأنه لم يعرف أيضاً أنّ ما قاله سيغضب إيران من المرشد الأعلى ووزير الخارجية وحتى كل كبار جنرالات حراس الثورة الإيرانية والواضح أنه عندما أدرك أنه إرتكب حماقة كبيرة وأن “آيات الله”، كما يدّعون ويصفون أنفسهم، قد لوّحوا له بقبضات مرتفعة جعلته ينتفض إنتفاضة ليست عثمانية ويعلن أنه يحترم كامل السيادة الوطنية الايرانية وسلامة الأراضي الإيرانية.. أي أنه لا إقتراب من إيران الاذارية ولا أي أطماع “عثمانية” في أذريبجان الشيعية التي عاصمتها باكو!
وهكذا فإنّ هذا الدرس يجب أنْ يـأخذه العرب بعين الإعتبار وبخاصة الذين توغل أردوغان “العثماني” بعيداً في “جغرافيتهم” القومية حتى في بلاد الشام التي بقيت تعتبر على مدى مراحل التاريخ كلها على أنها “الجوهرة العربية” وإن في أفريقيا وشرقي البحر الأبيض المتوسط الذي كان والمفترض أنه لا يزال بحراً عربياً.. والمعروف هنا أنّ هناك ما بقي العرب يرددونه وهذا إنْ سابقاً وإنْ لاحقاً .. وهو أنه: “لا يفل الحديد إلاّ الحديد” .. أليس كذلك؟