الرئيسية / مقالات رأي / تركيا وإيران.. الخلاف الشيق

تركيا وإيران.. الخلاف الشيق

بقلم: طارق الحميد – عكاظ

الشرق اليوم– آخر سبعة أيام كانت أسبوعاً تركياً مميزاً، ليس حول الصناعة التركية، أو السياسية بشكلها العام، والتي تعرف بفن الممكن، بل في الإبداع التركي في كيف تصنع الأعداء في عام، أو قل في أسبوع، أو بتصريح، بالحالة الأردوغانية. هذا الأسبوع وحده وجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجميع ضده، حيث العقوبات الأوروبية، والأميركية، وافتعال أزمة مع إيران، لم تكن مبررة، وإن كانت متوقعة بسبب العجرفة الأردوغانية.

نقول أسبوع تركي بامتياز؛ لأنه في بحر أسبوع أُعلن عن عقوبات ستفرضها الولايات المتحدة على تركيا بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوي الروسية (إس-400). وهي عقوبات تفرض بموجب قانون مواجهة أعداء أمريكا (كاتسا).

وجاءت الأنباء عن العقوبات الأمريكية في الوقت الذي وافق فيه زعماء الاتحاد الأوروبي على بيان يمهد الطريق لمعاقبة أفراد يتهمونهم بالتخطيط للمشاركة فيما يصفه التكتل بأعمال تنقيب تركية غير مصرح بها قبالة ساحل قبرص شرق البحر المتوسط.

وأخيراً وليس آخراً، استدعت الخارجية الإيرانية السفير التركي للاحتجاج على ما قالت إنها تصريحات تعد «تدخلاً» بشؤون إيران أدلى بها الرئيس أردوغان، وذلك على خلفية زيارة أردوغان الأخيرة لأذربيجان. في تلك الزيارة لأذربيجان تلا أردوغان قصيدة لشاعر إيراني من أصل أذربيجاني تتحدث عن تقسيم أرض أذربيجان بين روسيا وإيران بالقرن التاسع عشر، وعلى الفور أبدت طهران قلقها من أن تعزز تلك القصيدة الميول الانفصالية بين أبناء الأقلية الأذرية بإيران. وقالت طهران عبر وزارة خارجيتها: «أبلغنا السفير التركي بأن حقبة المطالب المتعلقة بالأرض والأمبراطوريات التوسعية قد انقضت». وقال وزير الخارجية الإيراني على تويتر «لم يجر إخطار الرئيس أردوغان بأن ما أساء ترديده في باكو يشير إلى الانفصال القسري للمناطق…عن الوطن (الإيراني) الأم». وأضاف الوزير الإيراني محمد جواد ظريف أن «لا أحد يمكنه الحديث عن منطقتنا الأذرية»، بإشارة للمنطقة الواقعة في شمال غرب إيران التي يقطنها أغلبية من ذوي الأصول الأذرية.

والظريف في تصريحات إيران، وما يجعل هذا الخلاف التركي الأيراني شيقاً، هو قول طهران: «إن حقبة المطالب المتعلقة بالأرض والأمبراطوريات التوسعية قد انقضت». والحقيقة أن هذا التصريح هو من باب شر البلية ما يضحك. حيث إن إيران التوسعية الطائفية تقول لتركيا التوسعية إن عهد التوسع قد انقضى، وهنا لا يملك المرء إلا استحضار قول الشاعر العربي: يا أيها الرجل المعلم غيره.. هلا لنفسك كان ذا التعليم!

الحقيقة أننا لم نرَ إيران وتركيا وهما تتأمران على منطقتنا، لكننا نراهما الآن وهما تختلفان، وتخاطبان بعضهما البعض بما تستحقانه، وبأسبوع تركي مميز في كيفية صنع الأعداء، و«تصفير» المكتسبات.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …