بقلم: جوليان زيلار – صحيفة “الخليج”
الشرق اليوم – ستكون نائبة الرئيس المنتخبة كامالا هاريس، صوتاً مسموعاً في البيت الأبيض خلال السنوات الأربع المقبلة.
هناك كل الأسباب للاعتقاد بأن فريق الرئيس المنتخب جو بايدن يعتزم منح هاريس دوراً رئيسياً، بينما تعالج الإدارة الفترة الأصعب من الأزمة التي تواجه الأمة الأمريكية في الوقت الراهن.
أهمية السناتور هاريس هذه ليست لها علاقة بعمر بايدن أو صحته، وليس هناك ما يدل على أنه يتوانى عن القيام بمهامه الملحة كرئيس منتخب، أو أنه يخطط للتخلي عن بعض تلك المهام. بل إننا لاحظنا عكس ذلك خلال الشهر الماضي. فمع استمرار الرئيس دونالد ترامب في لعبته الخطِرة المتمثلة في محاولة قلب نتائج الانتخابات، تحرك بايدن بسرعة للإعلان عن ترشيحات الوزراء من الدرجة الأولى، ووضع جدول أعمال للأشهر الأولى من ولايته.
إذن لماذا نتوقع أن يكون لهاريس أهمية كبرى؟ يكتسب نواب الرئيس القوة والنفوذ بشكل مطّرد منذ أن كان والتر مونديل نائباً للرئيس جيمي كارتر بين عامي 1977 و1981.
فمنذ زمن مونديل، كان معظم نواب الرئيس شخصيات بارزة. في عهد الرئيس رونالد ريجان، لعب جورج بوش الأب دوراً رئيسياً في تشكيل السياسة الخارجية مع كل من أمريكا الوسطى والاتحاد السوفييتي. كما ساعد نائب الرئيس آل جور في توجيه اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية من خلال الكونجرس، وكان مهندس قانون الاتصالات لعام 1996.
وأصبح نائب الرئيس ديك تشيني أسطورياً؛ بسبب يده القوية في برامج مكافحة الإرهاب التي نفذها الرئيس جورج دبليو بوش بعد 11 سبتمبر / أيلول. وعمل بايدن نفسه على مشروع قانون التحفيز لعام 2009 الذي طرحه الرئيس باراك أوباما، وتراجع عندما تحركت الإدارة لزيادة القوات في أفغانستان.
وبصفتها عضواً في مجلس الشيوخ من ذوي الخبرة، ستكون هاريس قادرة على مساعدة بايدن في تعزيز الدعم لمقترحاته التشريعية ضمن الحزب الديمقراطي. في حين أن هاريس لا تتمتع بنوع من الخبرة العميقة كما فعل ليندون جونسون عندما خدم في عهد الرئيس جون كينيدي في عام 1961، إلا أنها تتمتع بعلاقات قوية مع زملائها في الإدارة العليا وإلمامٍ تام بتطوير تلك العلاقات التي ستكون ضرورية في عصر الخلل الوظيفي والاستقطاب.
في الواقع، يجلب فريق بايدن – هاريس إلى المكتب البيضاوي مستوى من الخبرة التشريعية لم نشهده منذ أن كان جونسون رئيساً، وكان هوبرت همفري إلى جانبه. وبالنظر إلى طبيعة العراقيل التي يجب أن نتوقعها من السناتور ميتش مكونيل – كزعيم للأغلبية أو الأقلية حسب نتائج انتخابات جورجيا- بالإضافة إلى الانقسامات بين الديمقراطيين التقدميين والمعتدلين، فإن دور هاريس سيكون ضرورياً.
ومن موقعها كنائب للرئيس، تستطيع هاريس المطالبة بمجموعة واسعة من الخبرات السياسية. بصفتها مدعية عامة لولاية كاليفورنيا، أصبحت على دراية جيدة بجوانب مختلفة من الجدل المحتدم حول إصلاح أنظمة العدالة الجنائية، وكذلك حماية المستهلك وحقوق التصويت. وقد عملت هاريس في مجلس الشيوخ الأمريكي في قضايا الاستخبارات والسياسة الخارجية والقضاء. كما عززت التشريعات الخاصة بتغير المناخ والهجرة. بعبارة أخرى، إنها على دراية جيدة بمعظم القضايا، بما في ذلك “كوفيد-19” ومشاكل مواجهته التي ستفرض نفسها على بايدن في السنوات المقبلة.
وتعكس هاريس قيمة رمزية كبيرة للإدارة. فبعد أربع سنوات شغلت فيها منصب رئيس لجنة التعامل مع عنف البيض، عززت استراتيجية حزبها التي تستهدف في المقام الأول استيعاب الريفيين البيض. ومع كونها أول هندية وأمريكية ملونة في الوظيفة، ومتزوجة من أمريكي يهودي، تمثل هاريس أحد أهم مرتكزات الاستراتيجية الحزبية التي يريد الديمقراطيون تأكيدها للناخبين.
وتحرص هاريس على التأكيد أن الديمقراطيين يدعمون تطوير أمة أصبحت أكثر تعددية وتنوعاً ولا بد أن يكون بروزها في العمل اليومي للبيت الأبيض بمثابة تذكير دائم بهذه الفكرة، على النقيض من السنوات الأربع الماضية. وستترك هاريس بصفتها نائباً للرئيس، بصمة لا تنسى في واشنطن.