الشرق اليوم- كان عام 2020 شحيحاً جداً في الأخبار السارة بالنسبة لنا حتى إننا بتنا لا نضعه في الاعتبار لكن يبدو أن فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن بشرعية لا تستند فقط إلى أصوات الهيئة الانتخابية، ولكن أيضاً للتصويت الشعبي يحمل بعض الأمل. وفي الحقيقة، وبفضل قفزة تاريخية في المشاركة، وفشل في تحقيق كل الانتصارات في الولايات التي وعدته بالاقتراع، حصد بايدن أكبر عدد من الأصوات في تاريخ البلاد، ووصل إلى حوالي 80 مليوناً.
ومع ذلك، فإن الخطأ الأكبر هو الشعور بالرضا عن هذا الصعود ولا بد من الاستمرار في المهمة الهائلة وهي إعادة بناء كل شيء تقريباً
للحصول على فرصة للقيام بذلك، يجب أولاً أن يظل بايدن هادئاً. وهذه ليست الملكة الأكثر انتشارا في عصرنا، لكن جو بايدن بعيد كل البعد عن التشبه بها، وهذا ما أظهره في هذه الأيام التي تميزت بالتوتر الشديد حول النتائج الأخيرة. وعليه أن يبقى شجاعاً في مواجهة المجموعات المتعصبة والمتفرقة، التي قد تظل لبعض الوقت تهدد بخطر الاشتباكات الأهلية. وعليه الصمود في مواجهة اعتداءات المحامين الذين سيحاولون إقناع الناس بعدم انتظام عمليات الاقتراع القانونية بشكل واضح. وفوق كل ذلك، عليه أن يشتت انتباهه بجنون التغريدات التي سيرسلها الرئيس المنتهية ولايته باستمرار من البيت الأبيض.
وعليه مواجهة أي شيء غير متوقع، حيث سيواصل دونالد ترامب بلا شك حتى اليوم الأخير من رئاسته، التصرف مثل الثقب الأسود ليبتلع كل شيء، بدلاً من الاعتراف بالهزيمة أو الخطأ. وفي تصريحاته بعد الانتخابات ، وصل هذا “العنف” ضد المؤسسات إلى حد جعل المصالحة التالية محرجة للغاية: فبأكثر من 70 مليون صوت، تجاوز الرئيس المهزوم للتوّ درجة باراك أوباما خلال فوزه عام 2008. كما أصبح المرشح الجمهوري الذي حصد أكبر عدد من الأصوات في التاريخ. وبالنسبة لجو بايدن وفريقه، فإن هذه الضخامة هي التي يجب قياسها. ومما تقوله عن المرض الأمريكي هو أن المطور العقاري السابق استطاع أن ينتهز الفرصة لمصلحته. لكن عدم جدوى تصرفات ترامب في مواجهة وباء كوفيد-19، على سبيل المثال، كان ينبغي أن يكبده عقوبة انتخابية كبيرة. وهذا على الأقل ما اعتقده العديد من المراقبين، دون أن يدركوا أنه في ظل هذا التيار المنطقي، فإن السير في اتجاه جو بايدن، كان حتمياً وليس لصالح دونالد ترامب. وهذه هي المشكلة برمتها، فالترامبية هي أحد أعراض هذه الاستياءات المتعددة، وليس سبباً، لمشاعر الظلم هذه، اليأس، المخاوف، والأنانية أيضا، التي تغذي سذاجة الجماهير.
وسيتعين على جو بايدن معالجة كل ذلك إذا كان يسعى بصدق لاستعادة بلد ممزق بشدة، وبنية تحتية متدهورة، ونظام تعليمي غير متكافئ، وتراجع في متوسط العمر المتوقع، وثروة أكثر تركيزا في أيد قليلة. وحيث إن هذه الأمور لا تصيب الولايات المتحدة حصراً، بل إنها بعيدة كل البعد عن ذلك، يجب أن نأمل في نجاح الرئيس السادس والأربعين جو بايدن في منح الراحة لمواطنيه والعالم على شكل أمل.
BY:Le Monde