بقلم: عبدالله عبدالسلام – بوابة الأهرام
الشرق اليوم- الدول كالأفراد، لا تدخر جهدا للتفاخر بإنجازاتها ومجدها. الجميع لديه رغبة شديدة في أن يكون الأول، يتحايل وربما يكذب لإثبات أنه الرائد، وغيره التابعون. الاتحاد السوفييتي السابق أعاد كتابة التاريخ لتأكيد أنه الأول علمياً واقتصادياً ورياضياً.
الآن، الدول محدثة النعمة تنفق الملايين للترويج بأنها فى المقدمة بغض النظر عن الحقائق، والدول التى غادرها المجد تتشبث بأهداب العظمة الزائلة.
بريطانيا، التى غابت عنها شمس الإمبراطورية تسلك هذا الطريق فى عهد جونسون. ملأت الدنيا بكلام كثير عن أنها أول دولة غربية تجيز لقاح كورونا. تغريدات على غرار: فزنا بالسباق. لحظة عظيمة للإنسانية. الشمس ستشرق مجددا. لا أحد يشكك بكفاءة نظام التحقق البريطانى من الأدوية الجديدة، لكن بعض التواضع ضروري، فاللقاح أنتجته جزئيا شركة ألمانية ويتم تصنيعه فى بلجيكا.
السفير الألمانى بلندن استفزته حالة الانتصار الوهمية فغرد: لماذا يصعب الاعتراف بأن ما تحقق جاء نتيجة جهود عالمية، والنجاح للجميع. المفارقة أن بريطانيا بين الأسوأ عالميا فى مواجهة الفيروس نتيجة تضارب القرارات وتأخر اتخاذها، كما أن اقتصادها تراجع بنسبة لم تحدث منذ 300 عام.
تصوير الأمر إذن بأنها تستطيع فعل المعجزات بعد الخروج من أوروبا ، كلام للاستهلاك المحلي، وتحويل للبحث العلمى لأداة سياسية. للأسف، جونسون ووزراؤه بارعون فى تحويل كل حدث لمعزوفة قومية كبري.
فى 2 يناير الماضي، قال: 2020 سيكون رائعا، ضاربا الهواء بقبضة يده، فإذا بالعام هو الأسوأ، لبلاده وله شخصيا. فكيف سيكون 2021؟ بالطبع، لن يألو جهدا للحديث عن أن بريطانيا ينتظرها العظمة والمجد والنصر.
المشكلة أن كل كلام السياسى مسجل عليه صوتا وصورة. لم يعد الأمر يحتاج للغوص فى أضابير أرشيفات الصحف. الإنترنت أصبح وسيلة كشف الأكاذيب فى عصرنا. ومع ذلك، يواصل السياسيون قصف الناس بالوعود ويغيرون الحقائق ويتحدثون عن انتصارات لم تحدث معتمدين على الانقسام العمودى بكل المجتمعات.
نصف المجتمع مستعد لتصديق السياسى الذى يؤيدونه بغض النظر عن ملامسة ما يقول للحقيقة، ويرفضون أى كلام للسياسى الذى يعارضونه مهما كان وجيها وأقرب للدقة.