بقلم: منى المحروقي – العرب اللندنية
الشرق اليوم- تعكس إشادة القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر المفاجئة بدور رئيس البرلمان عقيلة صالح، الذي يمر بمأزق قد ينهي دوره السياسي، محاولة للتقرب من صالح بعد أشهر من الخلاف الصامت كان له تأثيره في المنطقة الشرقية.
وأثنى حفتر الأحد، خلال اجتماعه بضباط القوات المُسلحة بمقرّ القيادة العامة بالرجمة “شرق ليبيا”، على دور المُستشار عقيلة صالح.
ووصف قائد الجيش الليبي خلال الاجتماع، صالح بـ”الشخصية الوطنية بامتياز، مبينًا أنه الداعم الحقيقي للقوات المُسلحة طيلة فترة توليه رئاسة البرلمان”.
وذكرت الصفحة الرسمية للقوات المسلحة الليبية على مواقع التواصل الاجتماعي أن حفتر اختتم حديثه بالتأكيد على أن صالح ابن قبيلة عريقة مُجاهدة قدّمت الشهداء والتضحيات من أجل ليبيا.
ولم تتضح بعد المناسبة التي دفعت قائد الجيش الليبي لتقديم هذه الإشادة، في حين يربطها البعض بالمأزق الذي يمرّ به عقيلة صالح حيث يخطط الإسلاميون لإقالته من رئاسة البرلمان بعد رفضهم خلال جولات الحوار في تونس القبول به كرئيس للمجلس الرئاسي الجديد.
وتتواتر الأنباء بشأن وجود اتفاق مدعوم أمميا بشكل قويّ يهدف لتنصيب عقيلة صالح رئيسا للمجلس الرئاسي ووزير الداخلية في حكومة “الوفاق” فتحي باشاغا رئيسا للحكومة، الأمر الذي دفع صالح خلال الفترة الماضية للابتعاد عن حفتر ما تسبب في خلافات في المنطقة الشرقية.
وشن نشطاء مقرّبون من الجيش حملة ضد صالح تتهمه بالتخوين ومراعاة مصالحه الشخصية على حساب “القضية الوطنية”. وفي المقابل أطلق نشطاء ينحدر أغلبهم من قبائل المنطقة الشرقية حملة ضد حفتر وأبنائه متهمين إياهم بالفساد وتبديد الأموال في وقت يعيش فيه أغلب الليبيين وضعا اقتصاديا صعبا.
ويهدف تقرّب حفتر من صالح لإحباط أيّ اتفاق يفضي إلى إقصائه من قيادة الجيش أو على الأقل قصقصة أجنحته وإنهاء سيطرته المطلقة على المنطقة الشرقية.
وتعمق مبادرة حفتر حيرة صالح الذي بدأ يستشعر خطورة الموقف وبدأ يتحرك لاستعمال صلاحياته لمنع انعقاد جلسة البرلمان في مدينة غدامس والتي لوّح الإسلاميون والمقرّبون منهم بأنها ستكون جلسة لإعادة انتخاب رئيس جديد للبرلمان، في حين تبدو الأمور غير واضحة بشأن ما ستؤول إليه الأمور بخصوص إعادة تشكيل السلطة التنفيذية لاسيما مع تصاعد الحديث عن الإبقاء على فايز السراج في رئاسة المجلس الرئاسي وتعيين رئيس حكومة من المنطقة الشرقية.
وفي الوقت الذي تستعد فيه مجموعة من أعضاء البرلمان لعقد لقاء لهم في مدينة غدامس الاثنين، أعلن عقيلة صالح عن الدعوة لاجتماع آخر في مدينة بنغازي بشرق البلاد، وسط اتهامات يطلقها الفريق الداعم له بـ”سعي لقاء غدامس لاختيار رئيس موالٍ لجماعة الإخوان”.
ويشكك أنصار صالح في دستورية قرار الأعضاء المشاركين في حوار طنجة بعقد اجتماع في غدامس ويرى هؤلاء أن رئيسه عقيلة صالح هو المخوّل له فقط مع هيئة الرئاسة بدعوة المجلس للانعقاد.
صالح يمر بمأزق كبير، حيث يخطط الإسلاميون لإقالته من رئاسة البرلمان بعد رفضهم خلال جولات الحوار في تونس القبول به كرئيس للمجلس الرئاسي الجديد
ويرى مراقبون أن دعوة صالح لعقد جلسة للمجلس في مدينة بنغازي، باعتبارها مقره الرئيسي والدستوري، استهدفت قطع الطريق قانونياً أمام أيّ محاولات لنقل الانعقاد إلى غدامس وبالتالي منع عملية انتخاب رئيس جديد.
ومن غير المعروف ما إذا كان صالح سيقبل بمبادرة حفتر خاصة بعد تلقيه مكالمة من رئيسة البعثة الأممية ستيفاني ويليامز عقب الدعوة التي وجهها لعقد اجتماع في بنغازي، اعتبرها كثيرون رسالة دعم لصالح وربما محاولة لطمأنته بشأن استمرار الدعم لمقترح ترشيحه كرئيس للمجلس الرئاسي.
وبدأت الخلافات بين حفتر وصالح منذ مايو الماضي بعدما أعلن رئيس البرلمان عن مبادرة للتسوية السياسية وهو ما بعث برسائل حينها مفادها أن صالح يعارض تعنّت الجيش بالاستمرار في القتال جنوب طرابلس ويقبل بالطرح الدولي الذي ينص على ضرورة انسحاب الجيش من كل مواقعه قبل البدء في المسار السياسي.
وحاول حفتر حينئذ قطع الطريق على صالح من خلال مطالبة القبائل بتفويضه لتولّي الحكم وإسقاط اتفاق الصخيرات، ورغم استجابة القبائل لطلبه إلا أنه اضطر للتهدئة في ما بعد وتراجع عن تجميد البرلمان الذي يستمدّ شرعيته من الاتفاق.
ومنذ ذلك الحين فرض ما يشبه الحصار على حفتر سواء محليا أو دوليا حيث خففت القبائل الكبرى في المنطقة الشرقية (العواقير، المغاربة، العبيدات) من دعمها له كما توقفت أغلب الدول تقريبا عن التواصل معه، وسط حديث لا يتوقف عن انتهاء دوره، لاسيما بعدما بعثت مصر برسائل مؤيدة لتحجيم نفوذه.