الشرق اليوم- لم تتضمّن الكلمة القصيرة التي ألقاها وزير الخارجية الكويتي، الشيخ أحمد ناصر الصباح، وضوحا كافيا بشأن تفاصيل اتفاق التهدئة بين السعودية وقطر بوساطة كويتية وأميركية، ما يجعلها تهدئة أقرب إلى “التعايش” منها إلى مصالحة شاملة تأتي على حل جميع عناصر الخلاف. وهدف الاتفاق بالأساس إلى “ترضية” الطرفين، وهو ما يُشعر قطر بأنها كسرت المقاطعة والسعودية بأنها لم تقدم تنازلات.
وقال الشيخ أحمد ناصر الصباح الجمعة، إن مباحثات “مثمرة” جرت خلال الفترة الماضية لحل الأزمة الخليجية.
وأضاف عبر كلمة بثها تلفزيون الكويت إن هذه المباحثات “أكد فيها جميع الأطراف حرصهم على التضامن والاستقرار الخليجي والعربي وعلى الوصول إلى اتفاق نهائي يحقق ما تصبو إليه من تضامن دائم بين دولهم وتحقيق ما فيه خير شعوبهم”.
وعبر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان عن أمله في أن تكلل جهود كويتية وأميركية لحل النزاع الخليجي بالنجاح، شاكرا البلدين على “تقريب وجهات النظر”.
وأضاف “حققنا تقدما كبيرا تجاه حل الأزمة الخليجية في الأيام الأخيرة واقتربنا من التوصل لاتفاق بين جميع دول الخلاف”.
وبادر وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني بشكر الكويت والولايات المتحدة على جهودهما من أجل حل الخلاف الخليجي، معتبرا أن البيان الذي أصدره وزير الخارجية الكويتي بشأن الأزمة “خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية”.
وقال الوزير القطري “بيان دولة الكويت خطوة مهمة نحو حل الأزمة الخليجية. نشكر للكويت الشقيقة وساطتها منذ بداية الأزمة، كما نقدر الجهود الأميركية المبذولة في هذا الصدد”.
وكان الشيخ محمد بن عبدالرحمن قد قال قبل ذلك في مؤتمر “حوارات المتوسط” المنعقد في روما عبر الفيديو عن بعد إن “أي حل للنزاع الخليجي يجب أن يكون شاملا”، في تصريح اعتبر مراقبون أنه يضع شروطا مسبقة قد تعرقل مساعي التهدئة التي تقودها الكويت والولايات المتحدة.
ويبرز مساران زمنيان متوازيان، وبغايتين مختلفتين بالنسبة إلى الدوحة والرياض. فهناك تريث قطري يهدف إلى استنزاف أعصاب السعودية إلى حين وصول الرئيس جو بايدن إلى البيت الأبيض مطلع العام الجديد. وهناك تأنّ سعودي يعود بالدرجة الأولى إلى الحصول على ضمانات على مدى بعيد بعدم تكرار قطر قطع الوعود ونقضها في ما يتعلق بالحملات الإعلامية والارتباط بإيران وتركيا والجماعات المتشددة.
وتقول أوساط خليجية متابعة لمسار الوساطة الكويتية إن الدوحة والرياض تبحثان عن اختراق، ولكن الأقرب إلى التحقيق هو نوع من “التعايش” دون مبالغة في التعامل المفتوح بين القيادات، وترك الشأن الشعبي والاقتصادي بعيدا عن الأزمة، وهو وضع ملائم للطرفين إذ تشعر قطر بأنها نجحت في الخروج من العزلة، بينما تظهر السعودية في وضع الشقيقة الكبرى التي قبلت بالتهدئة استجابة للوساطات وحفاظا على وحدة الصف الخليجي، دون أن تقدم أي تنازلات.
وتشير هذه الأوساط إلى أن زيارة جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، للدوحة والرياض قد تسهّل وضع “خطوات” بناء ثقة. لكنها لن تحل الأزمة بحكم أن المقاطعة قضية سياسية متشابكة جدا، وقد استثمرت الأطراف فيها معنويا وسياسيا وشعبيا، وهناك الكثير من التفاصيل التي يجب معالجتها قبل الحديث عن مصالحة، وعلى رأسها تفكيك البعد الإقليمي للأزمة والتدخّلات الإيرانية والتركية.
ويبدو ملف المصالحة على السطح قضية خليجية، لكنه مسألة إقليمية واسعة تجاوزت موضوع الإخوان ودعم الحركات الإسلامية أو ملف قناة الجزيرة والإعلام.
وقالت سينزيا بيانكو، الباحثة الزائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في برلين، إن “هناك مستويات مختلفة لفك الاشتباك في هذه الأزمة تحتاج إلى العمل عليها”.
وأضافت “قد يبدأ الأمر بين السعودية وقطر، ولكن من الصعب تخيل -وفق المعطيات الحالية- أن تكون الإمارات جزءا من هذا التوجه”.
وأشاد نايف الحجرف الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي بالبيان الكويتي، لكنه دعا إلى “الابتعاد عن كل ما من شأنه إثارة الخلافات أو تأجيجها والتركيز على ما يعزز ويدعم التضامن في مسيرة المجلس وتقوية بنيانه لمواجهة التحديات”.
ورحب بدر بن حمد البوسعيدي، وزير الخارجية العماني، بالبيان الكويتي، معبرا عن تقدير بلاده لجهود الكويت في سبيل تحقيق تطلعات شعوب المنطقة نحو لمّ الشمل والتفاهم.
كما أشاد أحمد أبوالغيط، أمين عام الجامعة العربية، بالجهود التي تقوم بها الكويت في المرحلة الحالية “من أجل رأب الصدع وتحقيق المصالحة ودعم وتحقيق التضامن والاستقرار الخليجي والعربي”.
وأكد أبوالغيط أن “كل جهد عربي صادق النية يهدف إلى إنهاء الخلافات العربية على أساس من الصراحة والمكاشفة والاحترام المتبادل هو بمثابة تعزيز للعمل العربي”.
وكانت تقارير ذكرت أن كوشنر أثار خلال زيارته لقطر الأربعاء مسألة الأزمة الخليجية وسعى لإحراز تقدم نحو إنهاء الخلاف.
ولم يتم الإعلان عن الكثير من التفاصيل حول زيارة كوشنر التي ربما كانت الفرصة الأخيرة له للدفع باتجاه حل خلافات دبلوماسية في المنطقة باتت تتركز عليها جهود إدارة الرئيس المنتهية ولايته.
وعقب إغلاق السعودية مجالَها الجوي اضطرت الطائرات القطرية إلى التحليق فوق إيران، غريمة الرياض وواشنطن التقليدية، ودفع رسوم باهظة لطهران مقابل ذلك.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر دبلوماسية أن قطر تدفع 100 مليون دولار سنويا مقابل التحليق فوق الأجواء الإيرانية.
وقال مستشار الأمن القومي روبرت أوبراين في نوفمبر إن السماح للطائرات القطرية بالتحليق فوق السعودية عن طريق “جسر جوي” أولوية بالنسبة إلى إدارة ترامب.
المصدر: العرب اللندنية