By: Ishan Tharoor
الشرق اليوم – لا يبدو أن الرئيس دونالد ترامب وأنصاره يعتقدون أن الأمر قد انتهى. خلال عطلة نهاية الأسبوع، تظاهر الآلاف في واشنطن احتجاجاً على نتيجة الانتخابات. وعلى «تويتر»، تعهد ترامب بعدم التنازل وكرر الادعاءات بشأن تزوير الانتخابات. وفي برامج الأحد، تحير المحللون بشأن ما إذا كان يجب قراءة تحدي ترامب على أنه تهديد مدمر للديمقراطية الأميركية أم مهزلة أخيرة في الشفق المتلاشي لرئاسته!
لكن عبر المحيط الأطلسي، تبدو المجتمعات والحكومات حريصة على طي الصفحة. فقد أظهر استطلاع أجرته مؤسسة «مورنينج كونسالت» مؤخراً أن الأخبار المتعلقة بفوز الرئيس المنتخب جو بايدن عززت على الفور شعبية الولايات المتحدة بأكثر من 20 نقطة في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.
وخلال جلسة برلمانية الأسبوع الماضي، أشار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى ترامب بأنه «الرئيس السابق». ورحبت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بانتخاب بايدن، وأعربت عن أملها في تنشيط العلاقات عبر الأطلسي. وقالت إن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «يجب أن يقفا معاً لمواجهة التحديات الكبرى في عصرنا».
وتشمل تلك التحديات تغير المناخ. ومن المتوقع أن يعيد بايدن الولايات المتحدة إلى اتفاقية باريس للمناخ عند تنصيبه في يناير. وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن رئاسة بايدن أتاحت فرصة جديدة «لجعل كوكبنا عظيماً مرة أخرى».
وفي مقابلة مع «توداي وورلد فيو»، قال جوزيب بوريل، رئيس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي: «سيكون العالم مختلفاً مع وجود الولايات المتحدة في الحرب ضد تغير المناخ». وأضاف أنه من «الأخبار السارة للغاية» أن تعود واشنطن إلى «الجانب نفسه من التاريخ»، مثل الحكومات الأخرى التي بدت أكثر التزاماً من ترامب للحد من الانبعاثات وفطم اقتصاداتها عن الوقود الأحفوري. وأشار بوريل إلى الخسائر الأوسع التي تسببت فيها أربع سنوات من سياسة ترامب في أوروبا، وقال: «للمرة الأولى، كان لدينا رئيس للولايات المتحدة أعلن بشكل صريح عن عداوته للاتحاد الأوروبي»، مشيراً إلى الانتقادات اللاذعة التي أطلقها ترامب ضد الاتحاد. كما دافع ترامب عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وحث الدول الأوروبية الأخرى على الانسحاب أيضاً من الاتحاد، ووصف بعض الدول الأوروبية بأنها تهديد «للأمن القومي» لتبرير فرض تعريفات عليها. وأظهر ترامب ازدراءً مستمراً لعددٍ كبير من المؤسسات والمنظمات التي عززت العلاقات الأميركية الأوروبية على مدى عقود.
وقال بوريل، إن «الشعبوية الوطنية» المنعكسة في الترامبية والحركات اليمينية المتطرفة في أوروبا، لا تزال تشكل «تهديداً» على «استقرار الديمقراطيات الليبرالية». وأوضح أن سلوك ترامب كان بمثابة «جرس إنذار استراتيجي» لكثير من صانعي السياسة الأوروبيين، مما أدى إلى إدراك أنه «علينا أن نحل بعض مشاكلنا بأيدينا دون أن نتوقع أن يحلها الأميركيون».
ومع ذلك، تشعر النخب السياسية في أوروبا بالارتياح؛ لأن شخصية أقل استقطاباً قد تتولى قريباً منصبها في البيت الأبيض. وقال بوريل: «فكرة العالم الغربي نفسها كانت تتداعى ويجب إعادة بنائها. لا نتوقع من الرئيس بايدن أن يفعل المعجزات. لكننا نريد الاستفادة القصوى من هذا الفصل الجديد». ويبدأ ذلك بعودة إدارة بايدن إلى الاتفاقيات متعددة الأطراف أو المنظمات الدولية التي رفضها ترامب. وقال بوريل، إن الأوروبيين كافحوا من أجل الحفاظ على الاتفاق النووي الإيراني، ويرجع ذلك جزئياً إلى تهديد إدارة ترامب بفرض عقوبات على الشركات الأوروبية التي سعت للتعامل مع إيران. ويأمل بوريل، خلال عهد بايدن، في العودة إلى التنازلات الاقتصادية لإقناع الإيرانيين بالعودة من جانبهم. ومنذ أن فرض ترامب نظام عقوبات واسعة النطاق على الاقتصاد الإيراني، ازداد مخزون البلاد من اليورانيوم المخصب. وقال المسؤول الأوروبي المخضرم، إن وقف هذا الاتجاه «يعود بالفائدة على الجميع، من أجل استقرار المنطقة والأمن المشترك».
ويتوقع بوريل أيضاً حدوث تغيير في الموقف الأميركي تجاه الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويقول إن قطع ترامب التمويل لبرامج الأمم المتحدة التي تدعم الفلسطينيين كان «أكثر من خطأ»، وأضاف أن أي تقارب متزايد بين الدول العربية وإسرائيل «يجب أن يكون جزءاً من عملية لا يشعر فيها الفلسطينيون بالتخلي عنهم أو الضغط عليهم». وفي موضوع الصين، أشار إلى أن الحكومات الغربية ربما كانت «ساذجة بعض الشيء» بشأن تلاعب بكين بقواعد التجارة العالمية، وقال إنه يجب معالجة العلاقات مع الصين بطريقة أكثر «ذكاءً» مما رأيناه في عهد ترامب. وأضاف: «الحرب التجارية فاشلة. ولم يتم تقليص العجز بين الولايات المتحدة والصين، بل زاد. لم تكن هناك إعادة للوظائف من الصين إلى الولايات المتحدة».
ومن وجهة نظر بوريل، فإن إدارة بايدن ستحاول تقوية مؤسسات مثل منظمة الصحة العالمية، بدلاً من التخلي عنها، وستجد نقاط تقارب أكبر مع الاتحاد الأوروبي. وستكون البلدان أفضل في ضمان ألا يعرض صعود الصين «مصالح وقيم» الديمقراطيات الليبرالية للخطر.