الرئيسية / مقالات رأي / الرؤساء الأميركيون أكثر حرية في قراراتهم في الولاية الثانية

الرؤساء الأميركيون أكثر حرية في قراراتهم في الولاية الثانية

بقلم : حمزة عليان – الجريدة الكويتية 

الشرق اليوم – ماذا لو فاز ترامب بولاية ثانية؟ كيف سيتعامل مع الملف النووي الإيراني؟ وهل سيكون “لينا” و”متساهلاً” مع طهران؟

قيادي خليجي ومن الصف الأول وذو معرفة واطلاع واسعين بالشأن الأميركي، يعتقد أن بإمكان ترامب أن يعقد صفقة جديدة مع إيران ويتنازل لها عن بعض الشروط، ربما أفضل مما ستحصل عليه من بايدن، لأن عدداً من الرؤساء الأميركيين ستكون أياديهم طليقة باتخاذ قرارات مصيرية، والانطباع العام في الغالب أن الرئيس الأميركي الفائز بولاية ثانية، يكون في الغالب أكثر تحرراً باتخاذ القرارات الكبرى وغير خاضع للضغوط الانتخابية.

هذه وجهة نظر الشخصية الخليجية المتابعة وبدقة للشأن الأميركي، لكن هناك من يذهب إلى القول عكس ذلك كما كتب يوماً الإعلامي رجا موهان (c. raja mohan) في صحيفة “الإنديان إكسبرس” أن الأسوأ هو أن معظم العهود الرئاسية خلال الولاية الثانية تفقد طاقتها سريعاً وتصبح مثيرة للجدل”، ويضرب على ذلك أمثلة؛ أن بوش الابن، تعثر بسبب فشل الاحتلال الأميركي للعراق، وقد تعثر بيل كلينتون بدوره بسبب فضيحته مع مونيكا لوينسكي، وتعثر رونالد ريغان بسبب فضيحة “إيران– كونترا”!

في مراجعة لعهود ثلاثة من الرؤساء الأميركيين كما تترافع الشخصية الخليجية، نجد أن دوايت إيزنهاور (1953– 1960) تغاضى في ولايته الأولى عن بناء مفاعل ديمونا النووي بصحراء النقب، في حين وقف ضد ثلاث دول في عدوان 1956، بولايته الثانية، وهي فرنسا وإنكلترا وإسرائيل إلى جانب مصر.

وفي عهد أوباما (2008– 2016) مارست الإدارة الأميركية في الولاية الأولى ضغوطها على طهران بفرض نظام عقوبات مالي واقتصادي قوي، كان من شأنه التأثير على الانتخابات التي جرت عام 2013، لكنه عاد لتقديم تنازلات كبرى، لم يكن بإمكانه الإقدام عليها في ولايته الأولى، بعد توقيع الاتفاق النووي وخمس دول عظمى إلى جانب أميركا وبعد مفاوضات طويلة ومعقدة مما خلق أولاً سباق تسلح نووي في المنطقة وعرض أمن إسرائيل للخطر!

وسجلت ولايته الثانية أيضا تراجعاً أكبر عندما أخفق بإيقاف النظام السوري باستخدام الأسلحة الكيماوية ضد معارضيه عام 2014 مما أعطى بشار الأسد العزم واستكمال مواجهته العسكرية بالبراميل المتفجرة.

قد لا تنطبق نظرية إطلاق يد الرئيس في الملفات الكبرى وعلى مستوى السياسة الخارجية كما في حالة بيل كلينتون (1992– 2000) في ولايته الثانية ففي نهاية العهد الرئاسي، فقد فاعليته في القضايا الاستراتيجية بالرغم من تمتعه بهامش أكبر من الحرية السياسية والدوافع لإطلاق مبادرات، ففي الأشهر الأخيرة من ولايته الأولى، نجح برعاية اتفاق وادي عربة بين الأردن وإسرائيل (1994) وفشل في إيقاف أكبر مجزرة إبادة ضد الإنسانية في القرن العشرين براوندا، وخلال 100 يوم قتلت قبيلة الهوتو 800 ألف من قبيلة التوتسي، لكنه شن عملية عسكرية ضخمة عرفت باسم “ثعلب الصحراء” عام 1988 ضد العراق بعد طرد المفتشين الدوليين واتهامهم بالتجسس لمصلحة أميركا! وتلك الحملة كانت بهدف التغطية على فضيحته الجنسية مع المتدربة “مونيكا” التي أساءت إليه أمام الرأي العام الأميركي بالدرجة الأولى واعترافه بذلك، مما جعله طليقاً بقيادة عملية عسكرية نوعية حقق فيها “انتصاراً خارجياً” .

إذا أخذنا عهد ليندون جونسون الذي أكمل مدة حكم جون كنيدي بعد اغتياله عام 1963 واستمر حتى عام 1968 نرى أنه سجل أهم حدثين عالميين في ولايته الثانية، الحدث الأول إنهاء أطول حرب خاضتها أميركا وهي حرب فيتنام عام 1975، أما الثاني فكان وقوفه وبقوة مع إسرائيل في حرب 5 يونيو (حزيران) 1967، ومدها بمنظومات أسلحة هجومية وتبني قرار مجلس الأمن رقم 242 الذي بارك احتلالها لأراض عربية! وزعزعة نظام جمال عبدالناصر ومحاولة توريطه بإغراق السفينة الحربية “ليبرتي” ومقتل 34 من بحارتها، وفي الوقت نفسه القضاء على العهد الناصري وتأديبه بعد تدخله في اليمن.

لعل عهد رونالد ريغان (1980– 1988) يعطي مثالاً حياً وواقعياً عن التحول الذي ساهم فيه بولايته الثانية واتخاذه قرارات ذات شأن، ففي عام 1986 ظهرت أكبر فضيحة سياسية على مستوى العصر، ببيعه أسلحة إلى إيران عرفت باسم فضيحة “إيران– غيت” أو”إيران– كونترا” ولم يهتز عرشه من الداخل!

أما القرار التاريخي الآخر، فكان في عامي 1986 و1987، بإنهاء الحرب الباردة بعد قمة “ريكيافيك” بأيسلندا والاتفاق مع غورباتشيف عام 1987 وأتبعها بدعوته لهدم جدار برلين، وهو ما حصل بعد عشرة أشهر من انتهاء ولايته الثانية.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …