BY: Sabrina Siddiqui – The Wall Street Journal
الرئيس السابق يقول إنه اختار جو بايدن لمنصب نائب الرئيس لأنه كان يتمتع بالخبرة و “يهتم بالناس العاديين”
الشرق اليوم– كان الرئيس أوباما في عام 2008 يرى أن جو بايدن شخص صريح بشل مفرط و”لا يمانع قول كل ما يجول في خاطره”، لكنه كتب في مذكراته الجديدة أنه اختار السيناتور بايدن آنذاك ليكون نائبه لأنه كان شخصاً “جديراً بالاحترام وصادقاً ومُخلصاً”.
في كتابه “أرضٌ موعودة”، الذي سيكون متاحاً للجمهور يوم الثلاثاء المقبل، يقدّم أوباما تأملات صريحة حول الطبيعة التاريخية لرئاسته، وقضايا العرق والمناخ السياسي. ويُقدّم الجزء الأول من المذكرات (وهو مجلّد من 768 صفحة ومن المقرر أن يصدر له جزء ثانٍ) رؤى جديدة حول قرار أوباما اختيار بايدن لمنصب نائب الرئيس، والخلافات العارضة بينهما حول السياسة الخارجية.
وكانت دار النشر “بينغوين راندم هاوس” قد قدّمت لصحيفة “وول ستريت جورنال” نسخة مبكرة من الكتاب الذي يركز بصورة أساسية على انتخابات عام 2008 وفترة ولاية الرئيس أوباما الأولى. ويأتي ذلك بعد انتخاب بايدن ليصبح الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة في نهاية الحملة التي خاضها في مواجهة الرئيس ترامب، والتي ركزت كثيراً على إرث إدارة أوباما.
ويصف أوباما في الكتاب بايدن بأنه نقيضه السياسي من بعض النواحي، وهو العامل الذي قرر في النهاية أن من شأنه أن يساعد في تخفيف تحفظات خصومه حول رئاسته. ويذكُر أنه يعتقد أن أعضاء الكونغرس الجمهوريين سيكونون على استعداد للتفاوض مع بايدن.
ويقول أوباما في الكتاب: “أحد الأسباب التي دفعتني إلى اختيار جو للعمل ليتولى دور الوسيط -عدا خبرته في مجلس الشيوخ وفطنته التشريعية- هو إدراكي أنه في ذهن [ميتش] مكونيل، فإن المفاوضات مع نائب الرئيس لن تؤجج غضب القاعدة الجمهورية بالطريقة نفسها التي كان سيفعلها أي مظهر للتعاون مع أوباما (الأسود الاشتراكي المسلم)”.
ويتذكر أوباما بعض تحفظاته حول طلبه من بايدن الانضمام إلى حملته في عام 2008، حيث كان بايدن يكبره بالعمر 19 عاماً، ويُعدّ من الأعضاء الأقوياء في مجلس الشيوخ، بينما كان أوباما مرشحاً غريباً عن واشنطن. ويصف أوباما شخصيته بأنها “هادئة ورصينة من الناحية المزاجية”، وكتب أن بايدن كان “رجلاً ليس لديه أي ضوابط، ولا يمانع أن يقول بصراحة كلّ ما يدور في ذهنه”.
ويتذكر أوباما قائلاً: كان شخصاً فريداً في مدينة مليئة بالناس الذين يحبّون سماع أنفسهم وهم يتحدثون. وكان افتقاره لضبط النفس عند الكلام يتسبب دائماً في وقوعه في المشكلات، مثلما حدث خلال الانتخابات التمهيدية حين قال إنني (شخص مفوّه، وذكي، ونظيف، ووسيم)، وهي عبارة كانت تقصد المدح بالتأكيد، لكن البعض فسرها بأنها استغراب لتمتع رجل أسود بمثل هذه الخصال”.
ويقول إنه وجد أن أخطاء بايدن العارضة كانت “تافهة مقارنة بنقاط قوته”، وأن باع بايدن الطويل في المناصب العامة سوف يعوّض قلة خبرة أوباما النسبية في السياسة الوطنية.
وكتب أوباما: “لقد أحببت حقيقة أن جو سيكون جاهزاً تماماً لتولي منصب الرئيس إذا حدث لي شيء ما، وأن ذلك يمكن أن يُطمئن أولئك الذين ما زالوا قلقين من أنني كنت صغير السن جداً. لكن الشيء الأهم هو ما أخبرني به حدسي، ألا وهو أن جو كان رجلاً جديراً بالاحترام وصادقاً ومخلصاً. وقد رأيتُ أنه يهتم بالناس العاديين، وأنه يمكنني الوثوق به عندما تصبح الأمور صعبة، ولم يخيب أملي أبداً”.
ويقول في موضع آخر إن بايدن أعرب عن مخاوفه بشأن زيادة القوات في أفغانستان التي بدأت في عام 2009، وأنه نصح أوباما بعدم الخوض في “مستنقع خطير” بدون استراتيجية واضحة. وفسّر أوباما تشكك بايدن بأنها نجمت جزئياً من شعوره “بالإنهاك” بسبب سنوات دعمه للحرب في العراق.
وكتب أوباما أيضاً أن بايدن أعرب عن شكوكه بشأن خطط الغارة التي قتلت زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن في مايو 2011، مقترحاً أن يدرس الرئيس “العواقب الهائلة للفشل” ويفكر في التأجيل حتى تتوفر معلومات استخبارية أكثر دقة.
وقال أوباما في كتابه: “وكان ذلك ينطبق على كل القرارات الكبرى التي اتخذتها عندما كنت رئيساً. وكنت أقدّر استعداد جو لمخالفة المزاج السائد وطرح أسئلة صعبة لكي يعطيني المساحة التي أحتاجها في المداولات الداخلية الخاصة”.
ويتذكّر أوباما قائلاً: “عندما أقلعت الطائرات المروحية، وضع جو يده على كتفي وضغط عليه وقال (تهانيّ يا زعيم)”.
وتنتهي المذكرات في الفترة التي سبقت انتخابات عام 2012. ويتحدث أوباما عن صعود ترامب على مسرح السياسة الوطنية، الأمر الذي يقول إنه أصبح ممكناً بفضل ملايين الأمريكيين الذين اعتبروا وجود رئيس أمريكي أسود أمرٌ مقلق. ويعزو شعبية ترامب لدى قاعدة الحزب الجمهوري إلى أن قطب العقارات طرح نظرية المؤامرة حول مسقط رأس أوباما مراراً وتكراراً. وانتقد أوباما أيضاً وسائل الإعلام التي منحت ترامب منبراً لبثّ تلك الادعاءات.
ويقول أوباما في الكتاب: “كان الأمر كما لو أن وجودي في البيت الأبيض أثار ذعراً عميقاً، وشعوراً بأن النظام الطبيعي قد تعطّل. وهذا بالضبط ما أدركه دونالد ترامب عندما بدأ في الترويج للتأكيدات بأنني لم أولد في الولايات المتحدة، وبالتالي كنت رئيساً غير شرعي. فوعد بذلك ملايين الأمريكيين الذين أفزعهم وجود رجل أسود في البيت الأبيض بإكسير علاج قلقهم العنصري”.
يقول أوباما إنه لم يلتق ترامب في ذلك الوقت، وأن انطباعه عن الرجل الذي سيخلفه في البيت الأبيض كان مستمداً من حب ترامب لأن يكون تحت دائرة الضوء، ويختصر أوباما ذلك بقوله إنه “شخصية تلفزيونية تسوق لنفسها ولعلامتها التجارية على أنها ذروة النجاح الرأسمالي والبهرجة الاستهلاكية”.
وكتب أنه في عام 2010، اتصل ترامب هاتفيا بمستشار أوباما البارز ديفيد أكسلرود ليقترح تعيينه مسؤولاً عن إيقاف تسرب النفط من منصة ديب ووتر هورايزون في خليج المكسيك. ووفقاً لأوباما، قال ترامب أيضاً إنه على استعداد لبناء “قاعة رقص جميلة” على أرض البيت الأبيض. وقد قوبل اقتراحا ترامب بالرفض.
والكتاب، الذي استغرق إنجازه أكثر من عامين ونصف العام، هو الثالث لأوباما. ويأتي بعد كتاب المذكرات الصادر عام 2018 بعنوان “وأصبحتُ” للسيدة الأولى السابقة ميشيل أوباما، الذي بيع منه أكثر من 14 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم بجميع التنسيقات.