الشرق اليوم- تكشف الحكومة البريطانية غداً (الأربعاء) خطتها للميزانية الهادفة إلى دعم النشاط الاقتصادي في مواجهة وباء «كوفيد19» وتمهيد الطريق للإنعاش، متضمنة إنفاقات بقيمة مليارات الجنيهات، لكن أيضاً أول تدابير التوفير، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
ويتحدث وزير المالية ريشي سوناك أمام مجلس العموم في البرلمان البريطاني قبل أيام من نهاية الإغلاق المقررة في 2 ديسمبر (كانون الأول) المقبل في إنجلترا، والمفروض لشهر بهدف احتواء الموجة الثانية من وباء «كوفيد19».
ويأتي الإعلان فيما يعطي السباق على اللقاحات بارقة أمل بإمكان عودة الأمور إلى طبيعتها في العالم وفي المملكة المتحدة خصوصاً، التي دفعت ثمن الوباء بوفاة 55 ألف شخص.
وينتظر خطاب سوناك بفارغ الصبر، لا سيما أن الحكومة امتنعت عن تقديم ميزانية رسمية هذا الخريف. ويفترض أن يكشف الوزير الشاب (40 عاماً) الذي يحظى بشعبية كبيرة في صفوف المحافظين، خطة إنفاقات كبرى للعام المالي 2021 – 2022 تشمل مجالات الصحة والتعليم والأمن.
وسيقدّم تفاصيل حول خطة استثمارات ضخمة بقيمة 100 مليار جنيه ستصرف على مدى سنوات عدة في مجال البنى التحتية بهدف تحديث النقل والاستجابة للأزمة المناخية.
وعلى المدى القصير، سيتلقى نظام الرعاية الصحية دعماً بقيمة 3 مليارات جنيه لمواجهة تحدي الوباء. وأعلنت الحكومة أيضاً أنها ستفرج عن 151 مليون جنيه لدعم المشردين الذين ازداد عددهم بفعل الأزمة الاقتصادية.
وستشكل خطة الإنفاقات هذه مناسبة أيضاً لتعديل بعض القواعد في مجال الاستثمار التي أعطت الأولوية لوقت طويل إلى لندن وجنوب شرقي إنجلترا، وأهملت مناطق أخرى أكثر فقراً، تعهد رئيس الوزراء بوريس جونسون بمزيد من الدعم لها.
وحذر ريشي سوناك في نهاية الأسبوع خلال حديث لقناة «سكاي نيوز» من أن المملكة المتحدة رازحة تحت «ضغط هائل» وتواجه «صدمة اقتصادية» كبرى. وقال إن «الطريقة الفضلى لمواجهة ذلك تكمن في دعم الاقتصاد، لكننا لا يمكن أن نواصل الاستدانة إلى ما لا نهاية».
وفي موازاة إعلان غد، يعلن جهاز «مكتب مسؤولية الميزانية» العام توقعاته الاقتصادية الجديدة التي تعتمد عليها الحكومة.
ويفترض أن يوضح المكتب مدى تأثير إعادة الإغلاق التي حصلت في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي على الاقتصاد، والتي من شأنها أن تغرق معدل الناتج المحلي الإجمالي في الفصل الرابع من العام بعد ارتفاعه خلال الصيف.
كما سيعطي فكرة عن الانتعاش المنتظر في 2021. علماً بأن تلك المؤشرات تعتمد أيضاً على المفاوضات الجارية بين بروكسل ولندن بشأن اتفاق لمرحلة «ما بعد بريكست».
ويفترض أن يعلن المكتب عن ارتفاع كبير في العجز العام قد يساوي نحو 400 مليار جنيه لعام 2020 – 2021، فيما تخطت الديون فعلياً 2000 مليار جنيه.
في الواقع، ليس أمام الحكومة من خيار سوى إطلاق الإنفاقات للتخفيف من الصدمة الناجمة عن الأزمة الصحية.
وحتى الآن، صرفت الحكومة نحو 200 مليار دولار، جزء منها لدعم البطالة الجزئية، وقرر سوناك أخيراً تمديد منح هذه المساعدات لستة أشهر إضافية في مارس (آذار) 2021.
رغم ذلك، فإن عمليات التسريح قد تبلغ مستويات غير مسبوقة، لا سيما بفعل الصعوبات التي تطال خصوصاً قطاعات النقل الجوي والتجارة والمطاعم.
وترفض الحكومة مع ذلك العودة إلى التقشف، كما في عام 2010، ولا تعتزم اللجوء إلى أي اقتراض إضافي حتى الساعة. لكن وزير المالية لمح إلى احتمال تجميد الرواتب في القطاع العام، دون أن يشمل الرعاية الصحية، وهو ما قد يثير احتجاج المعارضة والنقابات.
كذلك، فإن الحكومة التي أعلنت للتو عن استثمارات إضافية بقيمة 24.1 مليار جنيه في مجال الدفاع، قد تعمد إلى تقليص ميزانيتها لدعم التنمية إلى ما نسبته 0.5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، مقارنة مع 0.7 في المائة معتمدة حالياً. لكن إجراءات التوفير هذه ليست إلا مقدمة لخطة يهيمن عليها رفع الإنفاقات.
بالنسبة لصامويل تومبز، من مركز «بانتيون إيكونومكس»، فإن سوناك «لن يعلن عن كيفية ردم الجفوة (في الميزانية) إلا عند عرض ميزانية العام المقبل»، متوقعاً زيادة في الاقتراض في 2022، في وقت مبكر بما يكفي قبل انتخابات 2024 التشريعية.
المصدر: الشرق الأوسط