الرئيسية / مقالات رأي / “الترمبيون” والواقعية الميكافيلية

“الترمبيون” والواقعية الميكافيلية

بقلم: عبدالله الجنيد – الاتحاد الإماراتية

الشرق اليوم- قال مكيافيلي «في السياسة، إن كانت الخرافة أكبر من الحقيقة، تمسك بالخرافة». 
ما افتقده المشهد السياسي الأميركي منذ الرابع من نوفمبر الجاري، هو بروز المحامية المحافظة «سدني باول»، وما أُفرغ لها من مساحة على محطات التلفزة المحافظة الهوى، لم يكن بأقل مما وُفر لغيرها على القنوات الأخرى «الليبرالية». حتى لا أُوصف بالانحياز من قبل «الترمبيون العرب»

ما ساقته المحامية «باول» من ادعاءات «سرقة الأصوات» عبر منظومة القارئ الالكتروني لبطاقات التصويت، كان مخيفاً، ولو استطاعت إثبات عشرة بالمائة مما ادعته، فيتوجب ليس فقط إبطال العملية الانتخابية. بل وإخضاع المنظومة الرقابية الفيدرالية لعملية تدقيق شاملة، لأن ما حدث «سيكون» بمثابة محاولة انقلاب سياسي مكتملة الأركان. لكن، ما فات السيدة باول، هو أنها بهذا الشكل «هي» من يطعن في كفاءة إدارة الرئيس ترمب لا إثبات مظلوميته. فالجهات الرقابية الفيدرالية أجرت عمليات محاكاة واقعية Actual Simulation قبل الثالث من نوفمبر بوقت كاف، وتم التحقق من كل التفاصيل الإجرائية/الرقابية/والوقائية من قبل هيئات رقابية فيدرالية/ ومدنية، ذلك بالإضافة لمؤسسات أمنية على رأسها إدارة الأمن الوطني Home Land Security. والتي أصدرت لاحقاً بيانها التفصيلي بعملية الاقتراع، مؤكدة فيه على سلامة العملية الانتخابية (بعد الادعاءات بالتزوير التي اطلقها الرئيس ترمب).

ما تصر عرابة «المؤامرة»/ المحامية سدني باول على تجاهله، هي معايير التحقق الفيدرالية من سلامة عملية التصويت، وأحدها مراجعة ما نسبته واحد بالمائة من الأصوات النهائية المفرزة بهدف التحقق من وجود أخطاء أو عوار «قد» صاحب العملية (خطأ فني/ تدخل بشري). وفي حال كانت النسبة مؤشراً على وجود مثل ذلك، وبما يؤثر على مخرجات صناديق الاقتراع، فإن الإجراء المتبع هو إعادة الفرز بشكل يدوي. 
ما دفعني لتناول هذا الموضوع، هو حجم الاحساس بالاضطهاد الذي تملك الترمبيون العرب بعد تقمصهم روح عرابة المؤامرة المحامية «باول»، لدرجة محاكاة قاموسها حرفياً بما فيه إحياء بعبع «المؤامرة الشيوعية» في مشهد هو أقرب للحقبة المكارثية. اللاعقلاني في هذا المشهد التآمري هو شرير فنزويلا وحلفائه، وكيف أن شركة سمارت ماتيك Smartmatic تواطأت مع حلف الأشرار (الشيوعية والليبرالية الأميركية) في هذا الانقلاب على الإرادة الوطنية الأميركية. 

ما فات الأخوة والأخوات من الترمبيون العرب، هي الأبعاد الأخرى في الظاهر من المشهد «الدرامي» الأميركي، فالرئيس ترمب يدرك أنه قد خسر الانتخابات، لذلك يجري «تضخيم» شخصية المحامية «باول» لكي تمتص لاحقاً اللوم السياسي بدل الرئيس. وذلك لن يضر بها معنوياً بعد وصول حالة الاستقطاب إلى ما وصلت إليه، وتأكيداً أن تضحياتها ستترجم إلى استحقاقات سياسية وأخرى مادية (حقوق نشر). المرحلة القادمة من الميكيافلية الواقعية لن تقتصر شكلاً على الولايات المتحدة الأميركية، لذلك تتحضر كافة الكتل السياسية الكبرى للتعاطي معها بما يتناسب وواقع القوى بعد جائحة كوفيد-19.

دول المنطقة أعلنت وبأكثر من شكل عن استيعابها دروس الأمس، وترجمة ذلك عملياً قد تم عبر جملة من السياسات المحسوسة الوقع ضمن فضائها الجيوسياسي. فهي لم تعد الحلقة الأضعف في معادلة التراتبية الاستراتيجية للولايات المتحدة، أو القابلة بالتحجيم النسبي عند تعارضها ومصالحها الوطنية أو القومية. وذلك تحديداً، ما فات السيدات والسادة من الترمبيون العرب، بما في ذلك تحضير الحزب «الجمهوري» لمرشحه لانتخابات 2024، السيد مايكل بومبيو.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …