بقلم: فراج العقلا – صحيفة إيلاف
الشرق اليوم- لأول مرة تشهد الولايات المتحدة معركة انتخابية فريدة من نوعها في عدة جوانب. فهي فريدة من نوعها لأن هذه المعركة وصلت فيها أصوات الناخبين من أتباع الحزبين الديمقراطي والجمهوري إلى أعداد غير مسبوقة مطلقاً في تاريخ الولايات المتحدة. وهي كذلك معركة انتخابية فريدة لأنها معركة شهدت انقساماً عمودياً حاداً في المجتمع الأمريكي، ولأول مرة، حيث بدا الانقسام بارزاً بصورة واضحة. وهي كذلك معركة فريدة لأن الرئيس ترامب حتى الآن لايزال مصراً على أنه هو الذي سيفوز بالانتخابات بعد أن أعلنت العديد من وسائل الإعلام فوز المرشح الديمقراطي جو بايدن.
ويبدو وفق هذه المعركة، أن الجمهوريين سيقاتلون فيها إلى فرزآخر صوت، لهذا كان لجوئهم للمحاكم استباقاً لمثل هذه الأوضاع. فالإصرار الذي تميزت به شخصية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتجريب الذي مارس به ولاية رئاسية كانت حافلة بالمفاجئات كل ذلك جعل من نهايات المعركة الانتخابية التي لاتزال فصولها لم تنته بعد، ربما ستكون غامضة النهايات.
لا تبدو الأمور واضحةً حتى الآن، كما أن الاشارات التي تصدر من بعض الجمهوريين سواءً في الإدارة أو في الحزب تعكس مواصلة المواجهة والاصرار على التقاضي حتى التأكد من صحة جميع الأصوات التي انتخبت في هذه الانتخابات.
إن الوضع الذي أصبحت عليه الولايات المتحدة اليوم، كما تبين هذه الانتخابات، يعكس انقساماً عمودياً في المجتمع، وهو انقسام سيظل مستمراً لفترة طويلة، لكن أهم ما يميز هذا الانقسام أن فيه استقطاب حاد في المواقف، ولاسيما عبر الطوابير التي كنا نشاهدها أيام الانتخابات التي كان يصطف في جانبيها أنصار كل من بايدن وترامب، بطريقة غير مسبوقة من قبل.
هناك تغيير كبير حدث مع مجيئ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض قبل 4 أعوام ، لكن التغيير الآخر الذي نقدر أنه سيكون تغييراً كبيراً أيضاً، سيكون في الحزب الجمهوري ذاته.
لقد أصبح الحزب الجمهوري مع بروز ترامب وترشحه للرئاسيات الأمريكية السابقة ونجاحه في ذلك، يتجه إلى تغيير ملحوظ في نشاطاته.
وإزاء ما رشح من بعض المواقف المتباينة من بعض أعلام الجمهوريين على خلفية نتائج هذه الانتخابات بدا لافتاً موقف الرئيس الأسبق جورج بوش الأبن الذي هنأ جو بايدن بالفوز، وهو موقف قد يؤشر إلى بوادر انقسام ربما تحدث في الحزب الجمهوري خلال الفترة المقبلة.
فمع ترديد كثير من القانونين في الولايات المتحدة؛ أن طبيعة التقاضي من طرف الحزب الجمهوري على نتائج هذه الانتخابات ستكون شكلية، يبدو أن الجمهوريين مصرين على المضي قدماً في استنفاد كل الطرق التي تجعلهم أكثر اطمئناناً لنتائج الانتخابات.
الشكاوى التي رفعها محامو ترامب في أكثر من ولاية على خلفية نتائج هذه الانتخابات تشير إلى ظاهرة جديدة لم تكن من قبل، وهذا بحد ذاته دال على الفرادة التي تميزت بها هذه الانتخابات كما أسلفنا في أول هذا المقال.
وكان واضحاً منذ بداية هذه الانتخابات أن شخصيات جمهورية كبيرة عارضت دونالد ترامب، ربما نتيجةً لمواقفها منه في الكثير من القرارات التي كان يتخذها الرئيس دونالد ترامب، وبالتالي لم تصوت له، وحرصت على عدم التصويت له، مثل حاكم ولاية فيرمونت الجمهوري، الذي صرح بأنه صوذَت لصالح بايدن.
وبالرغم من تهويل البعض حول ردود الفعل المحتملة على نتائج هذه الانتخابات وما توقعه محللون من عنف محتمل في الشوارع، إلا أنه حتى الآن تبدو الأمور طيبة ولاتزال تعكس حداً أدنى من الالتزام بالسلم الديمقراطي.