بقلم: طلال عبدالكريم العرب – القبس الكويتية
الشرق اليوم- انتهت أطول وأعقد انتخابات رئاسية في العالم، وانقشع الغبار عن رئيس جمهوري لم يعترف بهزيمته حتى الآن، ورئيس ديموقراطي جديد سيحكم الولايات المتحدة الأميركية، وسيتحكم في كثير من دول العالم، للسنوات الأربع القادمة، إن لم تمتد الى ثماني، فكيف سيكون الشرق الأوسط في عهده، إن تم تثبيت فوزه؟
لا شك بأن أول الفرحين بهزيمة ترامب، الذي لا تكاد تسعه الأرض، هو النظام الإيراني، فقد انزاح عنه هم وغم عم وسيطر على النظام لأربع سنوات عجاف، دمر خلالها الاقتصاد، وتحولت ايران الى سجن كبير ليس له الا أربعة منافذ معتبرة، وهي روسيا التي استغلت الوضع الإيراني التعيس ومغامراته المكلفة وأحلامه بالهيمنة، فأقامت لها عدة قواعد بحرية وجوية فيها، وعقدت معها صفقات سلاح مكلفة انهكت الشعوب الإيرانية المظلومة، إضافة الى الصين، وتركيا التي آثرت أن تبتعد عن محيطها الآمن، وكوريا الشمالية المنهكة أصلا معيشيا واقتصاديا.
أما الغرب ونجزم بأن معهم معظم دول العالم لم يحزنوا على مغادرة ترامب القسرية للبيت الأبيض، إن لم نقل كانوا أكثر سعادة بتخلصهم من الفاقد للرزانة والحنكة السياسية، حتى إن هناك من يراه شخصية منفرة، منعدمة الدبلوماسية.
أما الشرق الأوسط العربي فيضع كلتا يديه على قلبه توجسا وخيفة، من عودة نهج «أوباما – هيلاري كلينتون» إلى ساحته مجددا، ففي عهدهما قامت حركات الخريف العربي المدمرة التي حولت الدول التي نجحت فيها الى دول أكثر فشلا بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وقسمتها من الداخل الى ملل وطوائف متناحرة، وفي عهدهما خرج علينا «داعش» من العدم ومعه ميليشيات واحزاب وحشود طائفية عاثت فسادا في الدول العربية، من دون أن تصيب ايران وإسرائيل ولو بخدش بسيط، وفي عهدهما تمدد النفوذ الإيراني في العراق وسوريا واليمن ولبنان.
الحزب الديموقراطي الأميركي في عهد «أوباما – كلينتون» دمر ما تبقى من شعور عربي قومي متماسك مستعينين بمن دمروا أوطانهم طائفيا، وشرذموهم الى يومنا هذا، وفتحوا بل شرعوا أبواب الشرق الأوسط لكل أنواع الإرهاب المتلبس بالدين، وابتكروا وابتدعوا وصنعوا عشرات الميليشيات المتأسلمة روعوا بها العرب المسلمين تحديدا، وأثاروا الطائفية والنعرات الدينية، فالديموقراطيون عاملوا النظام الايراني وكأنه أحد أدواتهم وسمحوا له بالتغلغل في العراق وسوريا ولبنان واليمن، ففي النهاية هم من استوردوه من فرنسا، ليستبدلوا به الشاه حليفهم القديم.
فهل ستتغير السياسة الترامبية؟ وهل تعود كما كانت في عهد «أوباما – كلينتون»؟ أم يواصلون ما بدأه ترامب بتقليم أظافر من يرعى الإرهاب في العالم؟ هل سيواصلون التفاهم العربي الأميركي أم يعودون الى اعادة تفعيل الاتفاق النووي مع ايران، ورفع العقوبات الاقتصادية، وإعادة المياه الى مجاريها، لاستكمال وتكريس الهلال الإيراني في منطقتنا؟
فنحن كعرب لا يهمنا من سيحكم أميركا، ما يهمنا هو كيف سيتعامل الرئيس الأميركي، أي رئيس، مع ملفات الشرق الأوسط الشائكة والمعقدة، وهل سيسعى الى تقليم مخالب الإرهاب ومنابعه، أم يتركه يعيث فسادا كما خطّط له «أوباما – كلينتون»؟