الرئيسية / مقالات رأي / حرب كاراباخ: بوتين وأردوغان.. لعبة التربص؟

حرب كاراباخ: بوتين وأردوغان.. لعبة التربص؟

بقلم: محمد خروب – الرأي الأردنية

الشرق اليوم- ليس تفصيلاً ما انتهت إليه حرب نارغورنو كاراباخ بعد الهزيمة المدوية التي لحقت بأرمينيا, وانكشاف الخذلان الأميركي/الأوروبي لدميتهم الذي قاد ثورة مُلوّنة اسهمت ضمن أمور أخرى في وصوله الى رئاسة الوزراء (صلاحيات رئيس الجمهورية محدودة في الدستور الأرميني), والمقصود هنا رئيس الوزراء نيكول باستينيان, الذي تروج شائعات بانه وأُسرته يختبئون في مبنى وزارة الدفاع, فيما تتحدّث انباء اخرى عن لجوئه للسفارة الاميركية في يريفان.

الجدل العَلنِي الذي دار بين موسكو وانقرة حول الدور «التركي» في قوات حفظ السلام التي ارسلتها روسيا الى ناغورنو كاراباخ, عكس حجم ومدى الصفعة التي وجّهتها موسكو لأنقرة بعد استبعادها تماماً من اي دور «ميداني» داخل الاقليم. وهو ما واظب اردوغان ووزيرا دفاعه وخارجيته القول: أنه مُؤكّد ميدانيا, ثم ما لبثوا ان ابتلعوا ألسنتهم وراحوا يتحدّثون عن مركز «مُراقَبة» قالت موسكو: انه سيكون «بعيداً» عن حدود الاقليم مع اذربيجان. فلاذت انقرة بالصمت.

هنا يصعب تجاهل ما يستبطنه «الغَزَل» الروسي بأردوغان, والذي يعكس شكوكا متزايدة في شأن أهداف الأخير في «العالَم التُركي», الذي يسعى لتشكيله في فضاء روسيا ما بعد الاتحاد السوفياتي, وخصوصا نواة «الجيش الطوراني» الذي يروم قيادته بدءا من اذربيجان, حيث وصفت برقية تهنئة من وزارة الدفاع التركية الى باكو, بأنها «إهداء لأشقائنا (الاتراك الأذربيجانيين) ولجنود جيشهم البطل, الذي جعلونا فخورين بتحقيقهم نصرا عظيما في كاراباخ».

هم «أتراك» إذاً قبل ان يكونوا اذربيجانِيّين, وهذه النظرة الطورانية الاستعلائية تشمل كل مَن يرطن بالتركية, او كان جزءا من الامبراطورية العثمانية الآفلة. حتى تركستان الشرقية في الصين التي اسمها منذ قرون «شينجيانغ» وتسكنها أقلية الويغور, ما بالك ليبيا وسوريا والعراق وباقي «الودائع العثمانية”؟.

ليس المقصود وسم الدبلوماسية الروسية بالسذاجة, بل هي ترتقي الى ما هو أوسع وأشمل من الدهاء والقدرة على استشراف المستقبل, كونها أحرزت تفوقاً كبيرا على الدبلوماسية السوفياتية المُتكلسة التي سادت عهد بريجنيف، لكن ان تصل الامور حد قول الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: إن رئيسنا يُقدّر تقديراً عالياً (النهج البنَّاء) لنظيره التركي, فذلك يعني سياسة «التربُّص» التي تعكسها أوصاف تفوح منها رائحة المُبالغة من قبل الطرفين, كما تعكس خلافات عميقة مع تنافُس شرس يطبع الملفات الخلافية بينهما, إن في سوريا ام ليبيا أم شبه جزيرة القرم والتحلف التركي الأُوكرانِي بطابعه العسكري المُعلن, وخصوصاً في جنوب القوقاز حيث تحاول أنقرة (الاطلسية) «التسلل» عبر اذربيجان نحو بحر قزوين, وايجاد موطئ قدم في تلك المنطقة الجيواستراتيجية بالغة الأهمية, في منطقة مُرشّحة لتصبح ساحة صراع مفتوح مع أميركا/وحلف الاطلسي, ولن تكون الصين كما روسيا وايران بعيدة عنه.

لا نفط في ارمينيا ولا غاز, ناهيك عن تواضع عديدها الديموغرافي.(اذربيجان تعجّ بهما وتفيض), لهذا تم التخلّي عن يريفان والمسؤولية يتحمّلها رئيس وزرائها, الذي ظن أن عداءه لموسكو وبوتين هو جواز مروره نحو الغرب, فاذا بهم يخذلونه عند أول مُفترَق.

شاهد أيضاً

أمريكا والمسكوت عنه!

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– الدولة تتكون من شعب وسلطة وإقليم؛ ويكون الشعب فى أعلى …