الرئيسية / مقالات رأي / لهذا تهمنا الانتخابات الأمريكية

لهذا تهمنا الانتخابات الأمريكية

بقلم: ابراهيم أقنسوس – هسبرس

الشرق اليوم- طبيعي جدا، وبدهي جدا، هذا الاهتمام بالانتخابات الأمريكية، وبمآلاتها المنتظرة، وانعكاساتها القريبة والبعيدة، على مجمل التحولات التي يشهدها العالم، ويبقى المطلوب دائما هو ترقية هذا اللون من الاهتمامات، وتنويعها وتعميقها، بدل الدعوة إلى كبحها والتخلص منها لأسباب كسولة وغير مقنعة، فقد ابتلي الكثير من نخبتنا أو من يفترض أنهم يحملون هذه الصفة، بمرض الإهمال وعدم الاكتراث لأي شيء عدا التوافه والشخصانيات والمضايق، فالانتخابات الأمريكية تعنينا كثيرا، لسببين أساسيين على الأقل:

الأول، ويتعلق بأمريكا، قائدة العالم الحر، الذي يحمل صفة الديمقراطي، اتفقنا معها أو اختلفنا، دولة المؤسسات التي تحترم حدودها وسلطها، وتضطلع بأدوارها بشكل واضح وناجع، يفيدها أساسا، ويساهم في إكسابها مكانة مرموقة في العالم، دولة القضاء المستقل، الذي يشكل سلطة لوحده، ويرفع صورة أمريكا عاليا، الدولة التي تملك مفاصل القوة السياسية والاقتصادية والعسكرية عالميا، حتى إشعار آخر، وتعد مرجعا في العديد من الاختيارات والتوجهات الاستراتيجية التي ترهن مستقبل الأفراد والمجتمعات، وتتدخل بشكل أو بآخر في مجمل القضايا الأساس، التي تهم المنتظم الدولي.

السبب الثاني، لأن الأمر يتعلق بالرئيس الأمريكي المنتهية ولايته (ترامب)، الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بمسلكياته وعنجهياته التي لا تنتهي، ما يعني أن الرغبة كانت واضحة، عموما، في تغيير الأجواء، وفي التخلص من هذا الضجيج والفوضى التي رافقت (ترامب) مدة ولايته. إن الاهتمام بمآلات الانتخابات الأمريكية، هو اهتمام بالمستقبل، وبالنسبة إلينا هو البحث عن موقع أفضل، وأكثر أمانا في عالم بالغ التعقيد، وافتقد الكثير من المعنى واستسلم في مجمل تفاصيله، لنوازع التفاهة والفراغ وغياب المنطق، الشيء الذي تضاعف مع مجيء (ترامب)، بحيث أصبحنا أمام مسلكيات استبدادية بتغطيات عالمية، أريد لها أن تسود بقوة المال والنار والمتاجرة في كل شيء، بصرف النظر عن كل منطق أو سياق، وأريد لها أن تتحول إلى نسق سياسي واختيار قصري لا بديل عنه، واتخذت الخطة أو الفوضى غير الخلاقة طريقها نحو الأجرأة والتنزيل في الكثير من الأمصار، المتخلفة منها والمتقدمة أو ما يسمى كذلك بكل أسف، ما وضعها وجها لوجه أمام الهاوية، بفعل طغيان الشخصنة وتراجع النفس المؤسساتي وتشجيع النزعات اليمينية المتطرفة، بمعناها العرقي والعنصري (مشكل المهاجرين والسود)، وضمور الاقتناعات الديمقراطية، وثقافة الحوار والتعايش بين الشعوب والطبقات الاجتماعية، والتغطية على الدكتاتوريات وطرق اغتصابها للسلطة، وتأجيج النزاعات الإقليمية على الحدود، وخفوت ثقافة حقوق الإنسان وتراجع النفس الدبلوماسي لحساب العنجهية الشخصية والمالية.

لكل هذا وغيره، تهمنا الانتخابات الأمريكية، ليس لأن (بايدن) أفضل من (ترامب) أو العكس فليس هذا هو الأهم، ولكن، لأننا مدعوون باستمرار للبحث عن موقعنا، والسؤال عن قضايانا في ظل عالم يتجدد من حولنا، دون أن نملك بصدده رأيا واضحا وقويا أو موقعا يليق بنا.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …