BY: Joshua MacDonald – The Diplomat
الشرق اليوم- أعلنت الأمم المتحدة حديثاً أن 50 بلداً صادقت على معاهدة حظر الأسلحة النووية، ما يسمح بدخولها حيز التنفيذ بحلول 22 ديسمبر 2021 رغم احتجاج الولايات المتحدة وحلفائها وقوى نووية أخرى.
كانت أستراليا الغائبة الكبرى عن المعاهدة، مع أن الحكومة البريطانية أجرت هناك سلسلة من اختبارات الأسلحة النووية بين العامَين 1952 و1963.
أجبرت السلطات حينها سكان أستراليا الأصليين على مغادرة المنطقة التي شهدت تلك الاختبارات، لكن بقي عدد كبير منهم في مناطق مجاورة على أمل العودة إليها يوماً وتعرّضوا لمستويات مرتفعة من الأشعة، وربط الكثيرون هذه الظروف لاحقاً بمشاكل صحية حادة.
حاولت أستراليا أن تتصالح مع ماضيها النووي، لكن يشعر قادتها السياسيون الجدد بالقلق من تدمير تحالفهم مع الولايات المتحدة وإضعاف أمنهم إذا قرروا التوقيع على معاهدة الحظر النووي أو المصادقة عليها، وينطبق الوضع نفسه على اليابان أيضاً، فقد أعلن رئيس الوزراء الياباني السابق شينزو آبي أن المعاهدة “نشأت من دون أن تأخذ الوقائع الأمنية بالاعتبار”.
حصل واحد من أسوأ الاختبارات الكارثية في منطقة المحيط الهادئ في “بيكيني أتول” التابعة لجزر “مارشال”، حيث اختبرت الولايات المتحدة أكبر سلاح نووي على الإطلاق في عام 1954 (تشير التقديرات إلى أنه كان أقوى من انفجارات هيروشيما وناغازاكي بألف مرة).
في عام 2014، اصطحبت جزر “مارشال” الدول التسع المسلّحة نووياً إلى لاهاي لمتابعة التفاوض حول كيفية التخلص التام من الأسلحة النووية، لكن أسقطت محكمة العدل الدولية الدعاوى القضائية في أكتوبر 2016، ومنذ ذلك الحين تقود جزر “مارشال” مبادرة الأمم المتحدة لحظر الأسلحة النووية.
ورغم انتهاء الاختبارات النووية في دول المحيط الهادئ، تابع المواطنون في أنحاء المنطقة مطالبة القوى النووية بمعالجة التداعيات الصحية والبيئية للنشاطات النووية الماضية.
في جزيرة “إنيويتوك أتول” التابعة لجزر “مارشال”، تقع “قبة رونيت” المعروفة محلياً باسم “القبر”: إنها قبة خرسانية تُغلّف أكثر من 3.1 ملايين قدم مكعب من المخلفات الإشعاعية الأميركية (أي ما يساوي 35 حوض سباحة بالحجم الأولمبي).
في السنة الماضية، صرّحت هيلدا هاين التي كانت حينها رئيسة جمهورية جزر “مارشال” لصحيفة “لوس أنجلس تايمز”: “كيف يُعقَل أن تكون القبة لنا؟ نحن لا نريدها، نحن لم نبنها، النفايات في داخلها ليست لنا بل لهم”.
يذكر أحدث تقرير أصدرته وزارة الطاقة الأميركية حول “قبة رونيت” أن “القبة ليست معرّضة للانهيار أو الفشل الفوري بل إنها تخدم حتى الآن الأهداف التي نشأت من أجلها”، لكن اعترف التقرير في المقابل بأن القبة تُسرّب مواد إشعاعية في البحر، وبحسب موقف غير رسمي للحكومة الأميركية، أصبحت القبة الآن من مسؤولية حكومة جزر “مارشال”.
يرتكز كتاب جديد للصحافي البريطاني، جون ميتشيل، بعنوان Poisoning the Pacific (تسميم المحيط الهادئ) على أكثر من 12 ألف صفحة من الوثائق الأميركية التي تُفصّل كيف لوّثت العمليات العسكرية المحيط الهادئ بالمخلفات الإشعاعية وأسلحة كيماوية مثل العامل البرتقالي.
صرّح ميتشيل لصحيفة “الغارديان”: “حاولت السلطات الأميركية مراراً أن تُخفي حجم التلوث عبر إطلاق الأكاذيب وحملات التضليل ومهاجمة المراسلين. أنا شخصياً واجهتُ هذا النوع من الضغوط المباشرة”.
مع اقتراب عدد المشاركين في معاهدة حظر الأسلحة النووية من 50 عضواً (إنه العدد اللازم كي تدخل المعاهدة حيز التنفيذ)، وجّهت الحكومة الأميركية رسالة إلى الموقّعين على المعاهدة قائلة: “نحن نعترف بحقكم السيادي بالمصادقة على معاهدة حظر الأسلحة النووية أو الانتساب إليها، لكننا نظن أنكم بذلتم جهوداً استراتيجية في هذا الإطار ويجب أن تسحبوا مصادقتكم أو عضويتكم”.