BY: Jimmy Quinn – National Review
الشرق اليوم- لقد سئم الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من أسلوب بعض وسائل الإعلام الأنغلوفونية في تصوير حملة حكومته القمعية ضد النشاطات الإسلامية في فرنسا.
غداة مقتل المدرّس صامويل باتي في باريس خلال الشهر الماضي، كان واضحاً أن عنوان “نيويورك تايمز” الرئيسي يتعامل مع جريمة القتل تلك انطلاقاً من منظور الجدل الأميركي حول كيفية حفظ النظام، فعنونت الصحيفة: “الشرطة الفرنسية تطلق النار وتقتل رجلاً بعد هجوم قاتل بالسكين في الشارع”. سأل محلل من وكالة “أسوشيتد برس” لاحقاً: “لماذا تثير فرنسا غضب العالم الإسلامي”؟ ثم أجاب قائلاً: “تتعدد العوامل المؤثرة، منها ماضي البلد الاستعماري الوحشي، وسياساته العلمانية المتشددة، ورئيسه الذي يطلق مواقف عدائية ولا يتعاطف مع الإيمان الإسلامي”. تكثر الأمثلة الأخرى على هذا التوجه.
تفيد التقارير بأن ماكرون عبّر عن استياء عارم بسبب هذا النوع من التغطية الإعلامية خلال اجتماع حكومي في الأسبوع المنصرم، وفي عطلة نهاية الأسبوع الماضي ذكرت صحيفة “لوموند” انزعاج الرئيس الفرنسي من طريقة تعامل صحيفتَي “نيويورك تايمز” و”واشنطن بوست” مع دفاعه عن النموذج الجمهوري في بلده، ووفق الصحيفة الفرنسية قال ماكرون: “الاصطفاف مع التعددية الثقافية الأميركية شكل من الفكر الانهزامي”.
ثم جاءت افتتاحية صحيفة “فاينانشال تايمز” هذا الأسبوع لتوصل الوضع إلى مرحلة مفصلية، ففي تلك المقالة التي عادت وحذفتها الصحيفة لاحقاً بسبب احتوائها على “معلومات غير دقيقة”، حذر الكاتب من احتمال أن تؤدي حملة ماكرون ضد “الانفصالية الإسلامية” إلى تهميش المسلمين الفرنسيين وتقوية اليمين المتطرف.
يعرف القراء عموماً أن تلقي الأخبار من صحيفة مثل “فاينانشال تايمز” يعني الحصول على وقائع مثبتة وتحليلات غنية ومعلومات موثوق بها، من دون الحاجة إلى التأكد من مصداقيتها، فمن يستطيع أن يتخيل إذاً أن هذه المنظمة الإخبارية يمكنها تشويه التصريحات التي أدلى بها رئيس أحد أعضاء مجموعة الدول الصناعية السبع؟
لكن هذا ما حصل فعلاً في مقالة نُشرت على موقع المجلة منذ أيام، حيث أخطأت تلك المقالة في اقتباس كلامي، فاستبدلت عبارة “الانفصالية الإسلامية” التي تشير إلى ظاهرة حقيقية في بلدي بعبارة “الانفصالية المسلمة” (إنه مصطلح لم أستعمله يوماً)، فاتّهمني كاتب المقالة بتشويه سمعة المسلمين الفرنسيين لأغراض انتخابية ونشر أجواء من الخوف والشك ضدهم، ثم تابع الكاتب الدفاع عن طريقة حكومته في محاربة الإرهاب على الأراضي الفرنسية ودَحَض الأحكام المسبقة ضد المسلمين.
عبّر مسؤولون آخرون في حكومة ماكرون عن رفضهم للإرشادات الثقافية الأميركية أيضاً، فانتقد وزير التربية الفرنسي جان ميشال بلانكيه التيارات الفكرية المشتقة من الجامعات الأميركية، على غرار تقاطع أشكال التمييز، ودعا في مقابلة مع “صحيفة الأحد” إلى محاربة تلك النزعة.
أخيراً، تخوض حكومة ماكرون معركة على جبهتَين: الجبهة الأولى والواضحة تعارض ظاهرة “الانفصالية الإسلامية” التي رصدها ماكرون، أما الجبهة الثانية، فهي تستهدف النزعات التي تكاثرت في الجامعات الأميركية وقد تمنع الدفاع عن فرنسا بناءً على قِيَمها الجمهورية.