BY: Jonah Goldberg – Tribune News Service
الشرق اليوم- خلال تجمّع انتخابي في “ويسكونسن”، تكلّم الرئيس دونالد ترامب عن الاختيار بينه وبين جو بايدن، فبدأ يقول “هذا الاستحقاق لا يتعلق بـ…”، ثم توقف عن الكلام لبرهة وأضاف: “نعم، أنا كنتُ محور هذا الاستحقاق”، لقد كان محقاً! كانت الانتخابات تتمحور حوله فعلاً!
بغض النظر عن نتيجة الانتخابات، اتّضحت مسألة لا يمكن إنكارها، فقد أبلى الجمهوريون حسناً في هذا الاستحقاق رغم انعدام شعبية المسؤول الذي يمثّل حزبهم في سدة الرئاسة. كسب الجمهوريون المقاعد في مجلس النواب، مع أن معظم النقاد ومنظمي الاستطلاعات توقعوا أن يخسروا هناك. على مستوى الولايات، فرض الحزب الجمهوري سيطرته على المجالس التشريعية في ولايتَين (مجلس نواب ألاسكا ومجلس شيوخ نيو هامبشير)، ولم يخسر قوته على ما يبدو حتى كتابة هذه السطور، وفي غضون ذلك، قدّم ترامب أداءً ضعيفاً باسم حزبه فخسر ولايات كان قد فاز بها في عام 2016، وخسر التصويت الشعبي بفارق أوسع مما فعل في ذلك العام. إنها نتيجة مُحيّرة بالنسبة إلى أكثر داعمي الرئيس تشدداً، فمن وجهة نظرهم، يُعتبر دونالد ترامب أكبر وأفضل من الحزب الجمهوري كله، فكيف يستطيع الجمهوريون أن يصمدوا بعد سقوط ترامب؟ حتى أن البعض يعتبر هذا الوضع إثباتاً على “سرقة” الانتخابات منه، لكن كيف يُعقَل أن يحقق الجمهوريون هذه النتائج الإيجابية تزامناً مع فشل ترامب؟ حصل ذلك لأن الانتخابات كانت تتمحور حوله فعلاً! يعبّر جزء كبير من مناصري ترامب عن حبهم له لأنه يثير استياء السياسيين الليبراليين، فقد قال دونالد ترامب الابن عشية الانتخابات: “نحن لا نعيد الولايات المتحدة إلى مجدها فحسب، بل نجعل الليبراليين يبكون مجدداً”! وهذا الموقف الطفولي يطرح مشاكل متعددة، لكنه يستدعي في المقام الأول ردة فعل قوية من المعسكر المنافِس. لم تشارك نسبة هائلة من الديمقراطيين في الانتخابات للتصويت لجو بايدن، بل للتصويت ضد دونالد ترامب، وكان ترامب، لا بايدن ولا كامالا هاريس، هو من أشعل حماسة القاعدة الديمقراطية. كان لافتاً أيضاً أن يعطي ترامب الجمهوريين والمستقلين الذين يفضّلون السياسات الجمهورية عذراً مناسباً لعدم التصويت له، واتّضح ذلك حين خسر ترامب من دون أن يخسر الجمهوريون.
تتعلق نزعة حاسمة لدى المدافعين عن ترامب بإلزام الجميع بمعايير اللياقة والصدق والدماثة باستثناء ترامب، وتفترض هذه الفكرة أن يكسب ترامب أيضاً ولاء من لا يحبذون تصرفاته أو معظم سياساته، لكن من الواضح أن ترامب لا يدين لهؤلاء بشيء، كما يحصل في الأنظمة الملكية، يكون الولاء أحادي الاتجاه ولا يضطر الملك للقيام بما لا يريده لكسب تأييد من يعتبره مزعجاً أو كريهاً. لقد قال ترامب مراراً إنه يستطيع التصرف كأي رئيس نموذجي لو أراد ذلك، لكن سيكون هذا السلوك “مملاً جداً”، ووفق هذا الرأي، لا يُعقَل أن يضطر أي رئيس لتقديم أداء ممل خدمةً لمصلحة بلده أو حزبه!
استفاد ترامب من هذا السلوك أكثر مما توقّع الكثيرون، فنجح في جذب ناخبين جدد إلى الحزب الجمهوري وأبقى معظم مناصري حزبه إلى جانبه، لكن لم يكن هذا الوضع كافياً كي يتصدى لردة فعل الديمقراطيين والمستقلين، ولم يكن كافياً كي يتمسك بالجمهوريين المستعدين للتصويت لجمهوريين آخرين لكنهم غير مستعدين لإعطاء أربع سنوات إضافية لرئيسٍ مقتنع بأن الرئاسة حكر عليه.
في النهاية، يمكن استخلاص استنتاج واحد من هذه الانتخابات: لم يكن الأمريكيون معجبين بترامب بقدر ما يظن!