الرئيسية / مقالات رأي / التعديلات الدستورية الجزائرية

التعديلات الدستورية الجزائرية

بقلم: علي قباجة – الخليج

الشرق اليوم- تسير الجزائر في طريق الإصلاح، مضت بخطوة جديدة بتعديل دستور البلاد؛ بعكس التيّار الذي يسوقه المعارضون والعلّل التي يخرجونها علانيّة على طاولة الانتخاب، لتعطيل المسار الذي يرونه التفافاً على مطالبهم. فالدستور ورغم تحفظات البعض عليه، إلّا أنّ ديباجته حملت العديد من البنود التي طالب بها الحراك الذي انطلق في فبراير 2019؛ بتأسيس «جزائر جديدة»، والتحقيق الجزئيّ للمطالب «الثوريّة»، بالرغم من الرفض القطعيّ للدستور من قِبل أحزاب المعارضة، التي قادت «الثورة» العام المنصرم، حيث حذرت بدورها من هذا الاستفتاء، الذي عدت أنه يفتقر للرِّهان في تحديد صلاحيّات الجيش، ويؤكد الحراك الشعبي الحيّ، الذي لا يكلُّ ولا يملُّ من المطالبة بتغيير جذري للنظام. ويبدو أنّ الجزائريين يحملون في جعبتهم الرأي ذاته لأحزاب المعارضة، بعدما أظهرت نتائج الاستفتاء ضعف المشاركة، على الرغم من الجهود الحكوميّة لحشد المواطنين، وتيسيرها العمليّة متحديّةً انتشار جائحة «كورونا»؛ عبرَ افتتاحها 61 ألف مركز اقتراع، لتخفيف الضغط وتشجيع الناس، فضلاً عن اختيارها يوم الاستفتاء بعناية بربطه ب«عيد الثورة»، الذي يُصادف الأول من نوفمبر – ذكرى اندلاع حرب الاستقلال ضد الاستعمار الفرنسي.

مواطنو الجزائر يعتقدون أنَّ الاستفتاء مجرد ذر للرماد في العيون؛ فهم يرون أنّ السلطة برمتها لا بد أن تتغير، وأنّ الدستور لا يحتاج إلى تعديل بل إعادة بناء من جديد، فالرئيس تبون وإن حمل في حوزته أوراقاً إصلاحيّة عديدة، إلّا أنّ هذا كلّه بنظرهم غير كافٍ، في ظلِّ وجود أقطاب السلطة القديمة، التي قادت البلاد في زمن بوتفليقة 20 عاماً على الأقل. إضافة إلى أنّ الجزائريين على قناعة بفوز المعسكر الذي يؤيد التعديلات الدستورية؛ نظراً لكون الحملة التي سبقت الاستفتاء تسير في اتجاه واحد، ولم يبالِ بها جزء كبير من السكان، بينما لم يتمكن أنصار التصويت ب «لا» من تنظيم تجمّعات بسبب القيود، كما أنّ الدّاعين إلى التصويت ب «نعم» هم أنصار الحكومة وأحزاب الائتلاف الحاكم سابقاً، مثل حزب «جبهة التحرير الوطني».

ورغم تطمينات الرئيس الجزائري الذي قال في مناسبات عدة، إنّ الشعب الجزائري سيكون مرّةً أخرى على موعد مع التاريخ، من أجل التغيير الحقيقي المنشود للاستفتاء على مشروع تعديل الدستور؛ بهدف التأسيس لعهد جديد، فإن ذلك لم يكن مُقنعاً بالشكل المرجو للشعب الذي رأى أنَّ ذلك مجرد مناورة لإعادة البلاد إلى المربع الأول بشكلٍ أو بآخر.

وهنا يستوجب الخروج بالمحصلة التي تزعزع الثقة بين الحكومة والشعب، وفي خضم هذه التجاذبات تواجه الجزائر العديد من التحديّات المستقبليّة اقتصادياً وسياسياً وأمنياً؛ في وقتٍ تشتعل فيه الصراعات على حدودها في مالي وليبيا، وتحارب البلاد بكلِّ قوتها «كورونا» الذي يفتك بالأرواح والتنمية من جميع الاتجاهات.

ورغم ضبابيّة الأفق، تبقى هذه التفاعلات صحيّة طالما أنَّ الشعب ينشد المُضي قُدماً، ومؤسسة الحكم تستجيب لمطالبه بخلاف محدوديتها. ولعلَّ الأيام القليلة المُقبلة تحمل تباشير بجزائر جديدة، كما يحلم الشعب الجزائري.

شاهد أيضاً

مع ترمب… هل العالم أكثر استقراراً؟

العربية- محمد الرميحي الشرق اليوم– الكثير من التحليل السياسي يرى أن السيد دونالد ترمب قد …