BY: William Perry, George Schultz & Sam Nunn – The Washington Post
الشرق اليوم- تملك روسيا والولايات المتحدة اليوم نحو 90% من المخزون العالمي للرؤوس الحربية النووية ويتمتع البلدان بالنفوذ التام لتدمير معظم البشرية وكل ما بَنَته حتى الآن. عملياً، يدير الروس والأميركيون شؤون البشرية جمعاء ومن واجبهم أن يتصرفوا بمسؤولية خلال المفاوضات الراهنة للحد من التسلّح
في الأيام الأخيرة، ظهر بصيص أمل، فقد اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تمديد المعاهدة النووية المعروفة باسم “ستارت الجديدة” لسنة إضافية على الأقل بعد انتهاء صلاحيتها بتاريخ 5 فبراير 2021، ووافقت روسيا أيضاً على الاقتراح الأميركي بعقد التزام سياسي لـ”تجميد” العدد الإجمالي من الرؤوس الحربية النووية في كل بلد طوال سنة واستعمال هذه المهلة لمتابعة المفاوضات حول اتفاق جديد، وتحاول إدارة ترامب من جهتها التفاوض على تدابير التحقق من بنود تجميد الرؤوس الحربية، لكن من المتوقع أن تكون هذه الجهود معقدة وطويلة الأمد. رغم التقدم الحاصل في مجال تخفيض المخزون النووي الإجمالي بنسبة 75% منذ أن بلغت الحرب الباردة ذروتها بين الروس والأميركيين، تتصاعد مخاطر الأسلحة النووية اليوم، وينتشر نحو 14 ألف سلاح من هذا النوع في تسعة بلدان حول العالم، وأصبح جزء كبير من هذه الأسلحة في حالة تأهّب قصوى ويمكن إطلاقها خلال دقائق معدودة بناءً على قرارات مجموعة صغيرة من البشر المعرّضين للأخطاء وحواسيبهم غير المثالية. يُمهّد التدخل في الفضاء الإلكتروني عبر أنظمة القيادة والتحكم والإنذار التي تعود إلى أي بلد مُسلّح نووياً لزيادة مخاطر الإنذارات الخاطئة والحروب غير المقصودة. يجب أن تطول مدة معاهدة “ستارت الجديدة” بلا تأخير إذاً، لكن تزداد التهديدات المطروحة عليها اليوم بسبب اللعبة الخطيرة التي يخوضها الرئيسان ترامب وبوتين. قد تسمح الجهود الدبلوماسية المثمرة بين الولايات المتحدة وروسيا بإطالة صلاحية الاتفاق لمدة تصل إلى خمس سنوات، كما تنص عليه المعاهدة الأصلية وبموجب الاقتراح الذي طرحته روسيا في السنة الماضية. تعطي هذه الخطوة وقتاً إضافياً وقيّماً للتفاوض على تخفيضات أخرى في أكبر ترسانتَين نوويتَين في العالم. وفي غضون ذلك، تُصرّ إدارة ترامب على ضم الصين إلى المفاوضات النووية المستقبلية، بما أن برامجها العسكرية تشهد نمواً متسارعاً، فهذا الهدف جدير بالثناء لكن يجب أن تقتنع الصين أولاً بضرورة الانضمام إلى هذه الجهود بدل مضايقتها بخطوات دبلوماسية متهورة وتهديدات متزايدة. لقد أوضحت بكين أنها تحتاج في المقام الأول إلى التأكد من تراجع المخزون الأميركي والروسي الذي يتجاوز مخزونها بأشواط.
تحتاج الولايات المتحدة وروسيا والصين وقوى نووية أخرى إلى الوقت لمعالجة العوامل التي تزعزع الاستقرار وتهدد بتحويل أي سلام مشروط إلى كارثة لا يمكن إصلاحها، وكخطوة أولى، يمكن أن تتلقى الصين دعوة للانضمام إلى الولايات المتحدة وروسيا وإعادة صياغة مبدأ ريغان- غورباتشوف: “لا يمكن الفوز بأي حرب نووية ويجب ألا يخوضها أحد أصلاً”! ستكون مساعي إدارة ترامب لتجميد جميع الرؤوس الحربية النووية الأميركية والروسية مهمة أيضاً، لكنّ تطوير اتفاق فيه ضوابط وأحكام واضحة للتحقق من تنفيذ الشروط يتطلب وقتاً طويلاً، حيث تملك روسيا لائحتها الخاصة من المسائل التي تحتاج إلى المعالجة في المعاهدة المقبلة. سيكون تمديد معاهدة “ستارت الجديدة” كفيلاً بكسب الوقت لطرح مقاربة حذرة وتدريجية لتخفيض المخزون النووي بدرجة إضافية، تزامناً مع السعي إلى التخلص من هذه الأسلحة في نهاية المطاف باعتبارها تهديداً على العالم. بعد توضيح أسس معاهدة “ستارت الجديدة”، يُفترض أن تُرسَم الحدود لجميع الأسلحة النووية التي يملكها البلدان، بما في ذلك الأسلحة القصيرة المدى والأسلحة النووية التكتيكية التي تملك روسيا أعداداً كبيرة منها. لكن ستضطر الولايات المتحدة وروسيا لتخصيص الوقت والجهد اللازمَين لابتكار طرقٍ جديدة للتحقق من مسار تنفيذ الاتفاق، كذلك تحتاج مسائل قديمة أخرى إلى النقاش، بما في ذلك الدفاع بالصواريخ البالستية، والأسلحة في الفضاء، والأسلحة التقليدية الدقيقة وبعيدة المدى، والتقنيات الناشئة في الفضاء الإلكتروني مثلاً. هل من أسباب للتفاؤل إذاً؟ وهل يستطيع العالم أن يتخذ مساراً أقل خطورة؟ قد يكون الوضع واعداً فعلاً، لكن يجب أن تُمدّد الولايات المتحدة وروسيا معاهدة “ستارت الجديدة” للحفاظ على البنود الفاعلة أصلاً وكسب الوقت لمناقشة الخطوات المقبلة.
ونظراً إلى زيادة احتمال استخدام الأسلحة النووية الخطيرة اليوم والعواقب الكارثية لأي حدث مماثل، سيكون تمديد معاهدة “ستارت الجديدة” خطوة مسؤولة وأساسية.