إعداد: أحمد عبد الحكيم – إندبندنت عربية
الشرق اليوم- بعد غياب نحو 7 أعوام عن الحياة السياسية المصرية، انطلقت، الأحد، الجلسة الافتتاحية لمجلس الشيوخ المنتخب حديثاً، بعد أن اكتمل عدد أعضائه بالـ100 عضو المعينين بقرار من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المخصص له وفق قانون المجلس تعيين ثلث أعضائه.
وعقد المجلس الجديد جلسته الافتتاحية التي بُثَّت على الهواء مباشرةً بتأدية الأعضاء البالغ عددهم 300 عضو، اليمين الدستورية، بحسب الترتيب العُمري، وتولَّى الفريق جلال هريدى أكبر الأعضاء سناً، رئاسة الجلسة العامة الأولى قبيل انتخاب الرئيس.
مستشارا رئيس لمجلس الشيوخ
وكما كان متوقعاً، انتخب المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس حزب مستقبل وطن، الحالي، والرئيس السابق للمحكمة الدستورية العليا، رئيساً لمجلس الشيوخ، فيما انتخب كل من المستشار بهاء أبو شقة، رئيس حزب الوفد، وكيلاً أول للمجلس، والنائبة فيبي فوزي وكيلاً ثانياً.
وجرى الاقتراع على انتخاب رئيس المجلس بعد أداء النواب اليمين الدستورية، وإدلاء الأعضاء بأصواتهم لانتخابه، ليترشح عبد الرازق منفرداً من دون مُنافس.
وقبل ذلك عرض عبد الرازق ملخصاً لسيرته الذاتية أمام المجلس، وأعلن ترشحه للمنصب إثر حصوله على 287 صوتاً من إجمالي 299، في مقابل 12 صوتاً باطلاً.
وعقب توليه رئاسة المجلس، قال إن “المهمة ليست يسيرة، بل عظيمة، وتحتاج إلى أولي العزم”، مخاطباً الأعضاء قائلاً: “أنتم أولو العزم، وستقدرونها حق قدرها مبتغين بعملكم وجه الله ومصلحة الوطن”.
ووجه الشكر للأعضاء على انتخابه، وقال إن هذه المهمة يتوج بها مشوار حياته الطويل في مجالات القضاء العام والإداري والدستوري، وأخيراً العمل الحزبي والبرلماني، موضحاً أن على نواب الشيوخ “مسؤولية كبرى، وأن الشعب ينتظر منهم الكثير”، مشيراً في الوقت ذاته، إلى أن مصر تواجه مؤامرات منذ سنوات كادت تتسبب في ضياع الوطن.
من يكون المستشار عبد الرزاق؟
المستشار عبد الوهاب عبد الرازق من مواليد محافظة المنيا في صعيد مصر في أغسطس (آب) 1948، وبدأ حياته العملية موظفاً بالجهاز المركزي للمحاسبات بعد حصوله على ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة في عام 1969، وذلك قبل أن ينتقل للعمل في النيابة العامة وكيلاً للنائب العام في أوائل سبعينيات القرن الماضي.
وتدرّج عبد الرازق، الذي فاز في انتخابات الشيوخ على قائمة الصعيد، في المناصب القضائية في مصر خلال فترة ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، حيث تم تعيينه مستشاراً بمجلس الدولة في عام 1987، وبعدها شغل رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا في عام 1994.
ووفق المتاح من معلومات على الموقع الإلكتروني لحزب مستقبل الوطن، الذي شغل رئاسته أخيراً، عين نائباً لرئيس المحكمة الدستورية العليا في 2001، وذلك قبل 12 عاماً من شغله منصب رئيس المحكمة ذاتها خلفاً للمستشار عدلي منصور في 2013، الذي ترأس البلاد بعد الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين المصنفة “إرهابية” في يوليو (تموز) 2013.
وخلال ترؤسه المحكمة الدستورية العليا، كانت أبرز القضايا التي فصل فيها، بطلان انتخاب مجلسي الشعب والشورى في عهد الإخوان المسلمين في عام 2013، ووقف انتخابات مجلس النواب لبطلان قانون تقسيم الدوائر الانتخابية في مارس (آذار) 2015.
“الشيوخ” في سطور
انتخب مجلس الشيوخ الحالي الشهر الماضي، بعد انتخابات بلغت نسبة مشاركة المصريين فيها 14.23 في المئة، بواقع 8 ملايين و959 ألفاً و35 ناخباً من إجمالي عدد الناخبين المقيدين في قاعدة البيانات، والبالغ عددهم 62 مليوناً و940 ألفاً و165 ناخباً.
وهذا أول مجلس شيوخ مصري بعد إقرار تعديلات الدستور في 2019، والذي أعاده مرة أخرى بعدما ألغاه دستور 2014، حين كان يسمى مجلس الشورى، في أعقاب الإطاحة بمرسي.
وفي عهد الرئيس الراحل حسني مبارك، الذي أطيح خلال ثورة يناير (كانون الثاني) 2011، كان مجلس الشورى مخصصاً إلى حد كبير للنخبة وأعضاء الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم آنذاك.
ولا يتمتع مجلس الشيوخ الذي تمتد ولايته خمس سنوات سوى بصلاحيات رسمية قليلة، إذ يختص وفقاً لما نشر في الجريدة الرسمية “بدرس واقتراح ما يراه كفيلاً بتوسيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع”. ومن ضمن الأمور التي يتم أخذ رأي المجلس فيها، بحسب الجريدة الرسمية أيضاً “الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور”، و”معاهدات الصلح والتحالف، وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة”، في المقابل، يتمتع مجلس النواب بسلطات أكبر.
ووفق قانون إنشاء مجلس الشيوخ رقم 141 لسنة 2020، فإنه حدد في مادته السابعة اختصاصاته المتمثلة في دراسة واقتراح ما يراه كفيلاً بتوسيد دعائم الديمقراطية، ودعم السلام الاجتماعي والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الديمقراطي، وتوسيع مجالاته.
كما نصَّت المادة الثامنة منه على أنه يُؤخذ رأي مجلس الشيوخ في الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور، ومشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، ومعاهدات الصلح والتحالف وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة، ومشروعات القوانين ومشروعات القوانين المكملة للدستور، التي تُحال إليه من رئيس الجمهورية، أو مجلس النواب، فضلاً عما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة، أو بسياستها في الشؤون العربية أو الخارجية.
وتنقسم الآراء في مصر بشأن أهمية استعادة “الشيوخ” الحياة السياسية في البلاد، وبحسب برلمانيين وسياسيين، فإن استعادة “مجلس الشيوخ” من جديد استدعته الحاجة إلى الخبرات والكفاءات التي تكون بهذا المجلس، حيث تُحال إليه القوانين قبل إرسالها إلى مجلس النواب لدراستها وإبداء الرأي فيها، وهذا بدوره يخفف العبء عن كاهل مجلس النواب، معتبرين أن تجربة الغرفة التشريعية الواحدة ممثلة في مجلس النواب لم تثبت جدارتها. في المقابل، يرى البعض أن المجلس الجديد عديم الأهمية في الوقت الراهن، ونظراً لأن الأسباب التي قادت إلى إلغائه في 2014، لا تزال كما هي، سواء عبر ترشيد النفقات، أو صلاحياته، ودوره.