BY: The Diplomat
الشرق اليوم- إذا ربطت الهند الصراعات في الهيمالايا بالنزاعات القائمة في بحر الصين الجنوبي وشرق آسيا من خلال الانضمام إلى اتفاقيات للدفاع المشترك والتعهد بتقديم دعم عسكري للحلفاء في تلك المناطق، فقد تزيد قوتها في أي حرب تشهدها جبال الهيمالايا.
مع اقتراب فصل الشتاء في جبال الهيمالايا، تواجه الهند مشكلة صعبة وخطيرة، فقد احتلت الصين أرضاً هندية على طول “خط السيطرة الفعلي” تصل مساحتها إلى ألف كيلومتر مربّع وفق بعض المصادر الاستخبارية، وبدل التفكير بإجلاء المنطقة، بدأت بكين تتوغل فيها اليوم
في الشهر الماضي، ذكرت التقارير: أن القوات العسكرية الصينية بدأت تركّب كابلات الألياف البصرية في المنطقة استعداداً للبقاء هناك على المدى الطويل رغم استمرار المحادثات مع الهند، ثم راحت الصين تلوّح بمطالبها الحدودية التي تنادي بها منذ 1959، ويظن الكثيرون أن تلك المطالب تثبت صحة النظرية القائلة إن بكين تحاول الاستيلاء على أراضٍ إضافية من الهند تدريجاً عبر تطبيق استراتيجية “تقطيع السلامى”.
تظن الهند من جهتها أن هذه التطورات كلها تعني أن استرجاع الأراضي المفقودة يتطلب خروج القوات الصينية قسراً أو حتى خوض الحرب بدرجة معينة. يطرح هذا الوضع مشكلة هائلة في نيودلهي ولا تقتصر التداعيات على ارتفاع كلفة الحرب، حيث يتعدد أعداء الصين في محيطها لكنّ الهند ستحارب وحدها على الأرجح في أي حرب محتملة في جبال الهيمالايا.
كانت روسيا الدولة الكبرى الوحيدة التي شاركت في صراع الهيمالايا حديثاً، ومع ذلك يجب ألا تتوقع نيودلهي أي مساعدة من موسكو في حربها ضد بكين. تدرك الصين هذا الواقع على الأرجح، ولهذا السبب أبدت استعدادها لتكثيف النشاطات العدائية في المنطقة الجبلية، حتى لو أدى تحركها إلى انهيار المحادثات الدبلوماسية، لكنّ هذه الحسابات تزيد خطورة الوضع على الحدود برأي الهند: إذا كانت بكين تراهن على عزل الهند خلال أي حرب في الهيمالايا وعجزت الهند عن استرجاع أي عدد من الأراضي التي استولت عليها القوات الصينية حتى الآن، فلن تتردد بكين في محاولة السيطرة على أراضٍ أخرى على طول “خط السيطرة الفعلي” خلال الأشهر المقبلة.
رداً على هذه التطورات، يُفترض أن تستخلص الهند الدروس من تجارب بكين، ففي السنوات الأخيرة، تطبّق الصين مبدأ “التطويق الاستراتيجي” حول الهند في جنوب آسيا، وقد زادت صعوبة الوضع الهندي في الهيمالايا بعد عقد الصين شراكة مع باكستان والتلويح بإطلاق “حرب على جبهتَين”: تخشى نيودلهي الآن أن تواجه اعتداءات متزامنة على الجبهة الباكستانية أيضاً إذا خاضت الحرب مع بكين.
لردع بكين في الهيمالايا، يجب أن تحاول الهند القيام بالمثل في جنوب شرق آسيا وفي آسيا الشرقية، لكن نيودلهي تحتاج إلى إيجاد الحلفاء في محيط الصين لتحويل النزاع في الهيمالايا إلى صراع متعدد الجبهات ضد الصين في هذه المنطقة.
لكن لن تنجح هذه الاستراتيجية إلا إذا كانت الهند مستعدة للتخلي عن نهج عدم الانحياز وعدم التدخل في بحر الصين الجنوبي وفي الاضطرابات التي تشهدها منطقة شرق آسيا.
تشعر الهند بالقلق من تداعيات الالتزامات الأمنية تجاه الحلفاء في بحر الصين الجنوبي وشرق آسيا، مما يعني أن تضطر القوات الهندية للقتال إلى جانب الولايات المتحدة وجهات أخرى في تلك المناطق في حال اندلاع الحرب. تظن نيودلهي أن هذه الترتيبات غير مجدية لأنها تشكّ في استعداد أي طرف للدفاع عن الهند إذا اندلعت الحرب في جبال الهيمالايا.
أصبحت الهند وحيدة اليوم بسبب اختيارها سياسة عدم الانحياز والاستقلالية الاستراتيجية، لكن إذا ربطت الهند الصراعات في الهيمالايا بالنزاعات القائمة في بحر الصين الجنوبي وشرق آسيا من خلال الانضمام إلى اتفاقيات للدفاع المشترك والتعهد بتقديم دعم عسكري للحلفاء في تلك المناطق، فقد تزيد قوتها في أي حرب تشهدها جبال الهيمالايا.
بالإضافة إلى إطلاق حركة مقاوِمة في جنوب شرق آسيا وآسيا الشرقية، قد تساعد هذه السياسة الهند في تلقي دعم مباشر في جبال الهيمالايا، وإذا اندلعت الحرب في هذه المنطقة فستستفيد الهند من الدعم الاستخباري والمعدات العسكرية، وتبقى الولايات المتحدة من أبرز الدول التي تستطيع مساعدة نيودلهي في ظروف مماثلة، ومن خلال الانحياز إلى المصالح الأميركية مباشرةً عبر القتال في بحر الصين الجنوبي، من الأسهل أن تحظى الهند بالدعم الأميركي في أي حرب محتملة.
لردع تكتيك “تقطيع السلامى” الصيني إذاً، يجب أن تزيد الهند التكاليف التي تتكبدها بكين في أي حرب مرتقبة في جبال الهيمالايا، ولتحقيق هذه الغاية، حان الوقت كي تستكشف نيودلهي خيار التطويق الاستراتيجي.
ترجمة: صحيفة الجريدة