BY: William Gurlay, Shahram Akbar Zadeh & Zahid Shihab Ahmed – The Interpreter
الشرق اليوم- الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 كانت ترتكز على خطة توسعية، أي تطبيق رؤية آية الله الخميني في المنطقة، لكن تلك الخطة بدأت تتصدع بعد مرور أربعين سنة.ض
منذ سقوط صدام حسين في 2003 وظهور الجهات الموالية لإيران بوتيرة متسارعة في العراق، بدأ المراقبون يخشون توسّع نفوذ طهران في أنحاء الشرق الأوسط، لكنّ الوضع يشهد تغيرات بارزة اليوم، فقد تراجعت قوة طهران وكثرت أعباؤها وخسرت معظم أصدقائها.
كانت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 ترتكز على خطة توسعية، أي تطبيق رؤية آية الله الخميني في المنطقة، لكن بدأت تلك الخطة تتصدع بعد مرور أربعين سنة.
لقد تغيّر الوضع مقارنةً بما كان عليه منذ بضع سنوات، حين أحرزت إيران تقدماً متواصلاً ونجحت في إعادة رسم المعطيات الجيوسياسية الإقليمية بما يصبّ في مصلحتها الشخصية، ومنذ وقتٍ غير طويل، كان المحللون وصانعو السياسة في الولايات المتحدة يناقشون الخيارات المتاحة لاحتواء إيران.
لكن استفادت إيران من الفوضى المتزايدة بعد سقوط صدام حسين عام 2003. ربما توقع الرئيس الأمريكي، جورج بوش الابن، أن يصبح العراق بعد عهد صدام معقلاً للنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط، لكن تفوقت طهران على واشنطن في تلك الفترة.
زادت جرأة إيران وتابعت دعم عملائها في كل مكان، بما في ذلك حزب الله، وعززت علاقاتها السياسية مع بيروت ودمشق، وسعت إلى تجنيد جماعات أخرى ضمن “محور المقاومة” الذي تقوده، ونتيجةً لذلك، انتشرت مخاوف كبرى في بعض الأوساط السياسية من احتمال نشوء “الهلال الشيعي” وإعاقة الديناميات الإقليمية القائمة والعمل ضد المصالح الغربية وترسيخ مكانة إيران كلاعبة جيوسياسية مُهيمِنة.
يتعارض هذا الوضع مع التوقعات السائدة بعد التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015، فقد افترض الجميع حينها أن علاقات إيران المتوترة مع الغرب ستتخذ منحىً إيجابياً وستصبح سياستها الخارجية أقل عدائية.
لكن سرعان ما تبيّن أن هذه الآمال كلها تفاؤلية أكثر من اللزوم، فقد أصبح قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، ممثّل السياسة الخارجية الإيرانية بدل الرئيس المعتدل، حسن روحاني. تُعرَف طهران بموقفها المعادي للغرب ودعمها للميليشيات غير النظامية بدل أن تكون بلداً مناسباً لعقد الصفقات التجارية.
لكن يجب ألا تتوقع الدولة التي تتعامل بعدائية مع المجتمع الدولي أن تتفوق في أي مجال على المدى الطويل، وتكثر المؤشرات التي تثبت أن الظروف لم تعد تصبّ في مصلحة طهران.
يتمسك الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، بموقف متشدد تجاه إيران، ففي السنة الماضية، صنّف ترامب الحرس الثوري الإيراني كمنظمة إرهابية، وأَمَر في يناير الماضي بشن ضربة جوية أودت بحياة قاسم سليماني في العراق. كان سليماني يُعتبر بطلاً قومياً في إيران أو حتى ثاني أقوى شخصية في الجمهورية الإيرانية، ويبدو أن مقتله غيّر الحسابات الإقليمية.
في شهر أغسطس الماضي، قام رئيس الوزراء العراقي الجديد، مصطفى الكاظمي، بزيارة ودّية جداً إلى البيت الأبيض، لكن لم ترحّب إيران بالأخبار التي تنذر بتحسّن العلاقات بين الولايات المتحدة والعراق، وفي تطور آخر بعد أسبوع، رضخت طهران لمطالب الأمم المتحدة بإرسال مفتشين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى موقعَين محددَين للتأكد من امتثال البلد لبنود الاتفاق النووي المبرم في عام 2015.
في غضون ذلك، يتعرض حزب الله لانتقادات لاذعة غداة انفجار مرفأ بيروت في أغسطس الماضي بعدما اعتُبر لفترة طويلة أقوى أداة تابعة لإيران في المنطقة، وفي حين يسعى الكاظمي بكل وضوح إلى تحرير العراق من مخالب إيران، لم يبقَ لطهران أي أصدقاء في المنطقة إلا الرئيس السوري، بشار الأسد، لكن روسيا تتفوق على إيران هناك أيضاً.
أخيراً، بدأت أعداد الإصابات بفيروس “كوفيد19” تتصاعد مجدداً في إيران وتشهد العملة المحلية انهياراً كبيراً، وبالتالي أصبحت طهران مضطرة اليوم لمعالجة مشاكلها الداخلية، فهل سيبدأ نفوذ إيران بالتراجع إذاً في محيطها الخارجي؟